الإتيان به يسقط أمره، لأجل امتناع تحصيل ملاكه وغرضه، لا لأجل مجرد عدم الفعل في الآن الأول وعصيانه فيه.
ومثال ذلك: هو ما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الصوم - مثلا - ووجوب واجب آخر، فإذا ترك الصوم في جزء من الزمان فهو لا يتمكن من امتثال أمره بعد ذلك، فيسقط وجوبه لا محالة.
ولعل المنكر للترتب تخيل أولا: أن محل النزاع خصوص هذا الفرض.
وتخيل ثانيا: أن سقوط الأمر فيه مستند إلى العصيان في الآن الأول، لا إلى شئ آخر.
وثالثا: أن الأمر غير ثابت في حال العصيان. فها هنا دعاوى ثلاث:
الأولى: أن محل البحث في مسألة الترتب إنما هو في أمثال هذا الفرض.
الثانية: أن سقوط الأمر فيه مستند إلى عدم الفعل في الآن الأول وعصيان الأمر فيه، لا إلى شئ آخر.
الثالثة: أن الأمر ساقط في حال العصيان.
ولكن جميع هذه الدعاوى باطلة.
أما الدعوى الأولى فالأمر على عكسها، أعني به: أن هذا الفرض وما يشبهه خارج عن محل الكلام في المقام.
والوجه في ذلك: هو ما عرفت من أن محل الكلام هو ما إذا لم يمكن إثبات الأمر بالمهم إلا بناء على القول بالترتب (1)، وفي هذا الفرض يمكن إثبات الأمر به مع قطع النظر عنه، إذ المانع عن تعلق الأمر به هو فعلية الأمر بالأهم، وبعد سقوطه عن الفعلية لا مانع من تعلقه به أصلا، وبما أن المفروض هنا سقوطه في الآن الثاني فلا مانع من تعلق الأمر بالمهم فيه، لما تقدم من أن صحة تعلق الأمر به بعد سقوط الأمر عن الأهم من الواضحات الأولية، وليس من محل النزاع في شئ (2).