استحالة اجتماعهما في التحقق والوجود في آن واحد أو رتبة واحدة، وإذا استحال تحققهما في مرتبة فلا محالة يكون عدم أحدهما في تلك المرتبة واجبا.
مثلا: عدم البياض في مرتبة وجود السواد، وكذلك عدم السواد في مرتبة وجود البياض ضروري، كيف؟ ولو لم يكن عدم البياض في تلك المرتبة يلزم أحد محذورين: إما ارتفاع النقيضين عن تلك المرتبة لو لم يكن وجود البياض أيضا في تلك المرتبة، أو اجتماع الضدين فيها إذا كان البياض موجودا فيها.
وليس غرضه من ذلك نفي المقدمية والتوقف بمجرد كمال الملاءمة بينهما ليرد عليه ما أورده شيخنا المحقق (قدس سره): من أن كمال الملاءمة بينهما لا يدل عليه، فإن بين العلة والمعلول كمال الملاءمة، ومع ذلك لا يكونان متحدين في الرتبة (1).
كما أن غرضه (قدس سره) من قوله: (كما أن قضية المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر كذلك في المتضادين) هو ما ذكرناه، وليس غرضه من ذلك الاستدلال على نفي التوقف والمقدمية بقياس المساواة بدعوى:
أن عدم أحد الضدين في مرتبة وجوده، لأنهما نقيضان، والنقيضان في رتبة واحدة، وبما أن وجود أحد الضدين في مرتبة وجود الآخر - لأن ذلك مقتضى التضاد بينهما - كان عدم أحد الضدين في مرتبة وجود الآخر، وذلك لما ذكرناه غير مرة: من أن التقدم والتأخر والتقارن بين شيئين تارة تلاحظ بالإضافة إلى الزمان، ومعنى ذلك: أن الملاك في تقدم شئ على شئ آخر أو تأخره عنه أو تقارنه معه هو نفس الزمان لا غيره. وتارة أخرى تلاحظ بالإضافة إلى الرتبة مع تقارنهما بحسب الزمان، وحينئذ فالملاك فيه شئ آخر غير الزمان.
أما إذا كان التقدم والتأخر بين شيئين أو التقارن بينهما بالزمان فكل ما هو متحد مع المتقدم في الزمان متقدم على المتأخر بعين الملاك الموجود في المتقدم، وهو كونه في الزمان المتقدم، وكل ما هو متحد مع المتأخر في الزمان متأخر عن