ومن ناحية أخرى: أن أدلة الحجية ليست قاصرة عن إثبات حجية البينة أو ما شاكلها بالإضافة إلى الباقي.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هو: أن سقوط بعض الدلالات الضمنية عن الحجية لا يوجب سقوط بعضها الآخر، لعدم الملازمة والتبعية بينها كما مر.
نعم، الملازمة بينها في مقام الإبراز، فإن الجميع - كما عرفت - يبرز بمبرز واحد.
وهذه هي النقطة الرئيسية للفرق بين الدلالة التضمنية والدلالة الالتزامية.
أو فقل: إن الدلالة الالتزامية في نقطة مقابلة للدلالة التضمنية من ناحية مقام الثبوت والحجية.
أما من ناحية مقام الثبوت فلأن المدلول الالتزامي لا يخلو في الواقع: من أن يكون لازما للمدلول المطابقي، أو ملازما له، أو ملزوما له، ولأجل ذلك تستلزم إرادة أحدهما إرادة الآخر تبعا.
وأما من ناحية الحجية فلما سبق: من أن أدلة الحجية إنما تدل على حجية الدلالة الالتزامية تبعا لدلالتها على حجية الدلالة المطابقية.
الثالث: ما عن شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أن الفرد المزاحم تام الملاك حتى على القول بكونه منهيا عنه (1).
والوجه في ذلك: هو أن النهي المانع عن التقرب بالعبادة هو الذي ينشأ من مفسدة في متعلقه، وهو النهي النفسي. وأما النهي الغيري فبما أنه لا ينشأ من مفسدة في متعلقه لا يكشف عن عدم وجود الملاك في متعلقه، فبضم هذا إلى كبرى كفاية قصد الملاك في صحة العبادة - كما تقدمت - تستنتج صحة الفرد المزاحم.
ثم أورد (قدس سره) على نفسه: بأن الحكم بصحة الفرد المزاحم من جهة الملاك لا يجتمع مع القول بأن منشأ اعتبار القدرة هو اقتضاء نفس التكليف ذلك