أضف إلى ذلك: أن المصلحتين المفروضتين، القائمة إحداهما بطبيعي الصلاة والاخرى بخصوص القصر أو الإخفات - مثلا - لا تخلوان من أن تكونا ارتباطيتين أو تكونا استقلاليتين، ولا ثالث لهما.
فعلى الأول لا يمكن الحكم بصحة الصلاة تماما في موضع القصر والصلاة جهرا في موضع الإخفات، وبالعكس، لفرض أن المصلحتين ارتباطيتان، ومع عدم حصول المصلحة الثانية لا يكفي حصول الأولى.
وعلى الثاني يلزم تعدد الواجب بأن يكون القصر - مثلا أو الجهر أو الإخفات واجبا في واجب، وهو طبيعي الصلاة مع قطع النظر عن أية خصوصية من هذه الخصوصيات، باعتبار كونها مشتملة على مصلحة إلزامية في حال الجهل بتلك الخصوصيات. ولازم ذلك هو تعدد العقاب عند ترك الصلاة على الإطلاق، وعدم الإتيان بها أبدا، لا تماما ولا قصرا، لا جهرا ولا إخفاتا، وهو خلاف الضرورة كما لا يخفى.
فالصحيح: هو ما ذكرناه في محله، وحاصله: أنه لا يمكن المساعدة على ما هو المشهور بين الأصحاب من الجمع بين الحكم بصحة الجهر في موضع الإخفات وبالعكس، وصحة التمام في موضع القصر، وبين الحكم باستحقاق العقاب على ترك الواجب الواقعي.
والوجه في ذلك: هو أن الجاهل بوجوب القصر والإخفات - مثلا - لو صلى قصرا أو إخفاتا وتحقق منه قصد القربة في حال الإتيان به فلا يخلو الأمر من أن يحكم بفساد صلاته هذه ووجوب الإعادة عليه عند انكشاف الحال وارتفاع الجهل، أو يحكم بصحتها وعدم وجوب الإعادة عليه، ولا ثالث في البين.
أما على الأول فلا شبهة في أن مقتضاه هو أن الصلاة تماما أو جهرا هو الواجب على المكلف تعيينا في الواقع عند جهل المكلف بالحال، وعلى هذا فلا معنى لاستحقاق العقاب على ترك القصر أو الإخفات، ضرورة أن القصر أو الإخفات لا يكون واجبا في هذا الحال على الفرض ليستحق العقاب على