أما القسم الأول: فقد تقدم الكلام فيه بصورة مفصلة (1).
بقي شئ قد تعرض له شيخنا الأستاذ (قدس سره): أن التزاحم إذا كان بين واجبين طوليين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة عقلا، فإن لم يكن الواجب المتأخر أهم من الواجب المتقدم فقد ذكر (قدس سره): أنه يتقدم الواجب المتقدم على المتأخر، فلا وجه للتخيير أصلا (2). ولكن قد ذكرنا سابقا: أنه لا وجه لما أفاده (قدس سره) هنا، بل المتعين فيه التخيير، فإن المتقدم زمانا إنما يكون مرجحا إذا كان كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا، لا فيما إذا كان مشروطا بها عقلا، فإنه لا فرق فيه بين أن يكون التزاحم بين واجبين عرضيين أو طوليين أصلا.
وأما إذا كان الواجب المتأخر أهم من الواجب المتقدم فقد ذكر (قدس سره): أن في هذه الصورة تقع المزاحمة بين وجوب الواجب المتقدم ووجوب حفظ القدرة للواجب المتأخر في ظرفه، وبما أن الثاني أهم من الأول فيتقدم عليه، وهذا ظاهر (3).
وإنما الكلام والإشكال في أنه هل يمكن الالتزام بالترتب في هذا الفرض - أعني: جواز تعلق الأمر بالواجب المتقدم مترتبا على عصيان الأمر بالمتعلق بالواجب المتأخر - أم لا؟ وجهان، بل قولان:
فقد اختار (قدس سره) القول الثاني، وأفاد في وجه ذلك:
هو أن القول بإمكان الترتب هنا يبتنى على جواز الشرط المتأخر، بأن يكون العصيان المتأخر شرطا لتعلق الأمر بالمتقدم. وقد ذكرنا استحالته وأنه غير معقول.
ودعوى: أنه لا مانع من الالتزام بكون الشرط هو عنوان التعقب - كما التزمنا بذلك في اشتراط التكليف بالقدرة في الواجبات التدريجية كالصلاة وما شاكلها. وعليه، فلا يلزم الالتزام بالشرط المتأخر - يدفعها: بأن جعل عنوان