الجهة كما إذا كان من ناحية الضمان أو نحوه فهل هو أيضا رافع لموضوع وجوب الخمس أم لا؟ ففيه كلام وإشكال، وتمام الكلام في باب الخمس (1) إن شاء الله تعالى.
وقد تحصل مما ذكرناه: أن هذه الفروعات وما شاكلها جميعا خارجة عن محل الكلام في المسألة، ولا يجري الترتب في شئ منها، ولكن لا من ناحية ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره) من أن عدم جريانه من جهة أن أحد الخطابين رافع لموضوع الخطاب الآخر بصرف وجوده وتحققه، فلا يمكن اجتماعهما في زمان واحد، بل لما ذكرناه من أن الرافع له شئ آخر، وهو المانع عن اجتماعهما في زمان واحد، ولا دخل لوجود الخطاب وعدمه في ذلك أبدا.
نعم، ما ذكره (قدس سره) - بالإضافة إلى الأمارات وأنها رافعة لموضوع الأصول وأنه لا يبقى مجال لجريانها بعد ورودها - صحيح، بل لا يختص هذا بالأمارات والأصول، فيعم جميع موارد الحكومة والورود، إذ لا يبقى موضوع لدليل المحكوم والمورود بعد ورود دليل الحاكم والوارد. ولكن قياس هذه الفروعات بتلك الموارد قياس مع الفارق.
ونتائج أبحاث الترتب إلى هنا عدة نقاط:
الأولى: أن البحث عن الترتب إنما يكون ذا ثمرة إذا لم يمكن تصحيح العبادة المزاحمة لواجب أهم بالأمر، ولا بالملاك، وإلا فلا تترتب على البحث عنه ثمرة كما عرفت.
الثانية: أن البحث عن هذه المسألة بحث عقلي لا يرتبط بعالم اللفظ أبدا.
الثالثة: أن ما كان محلا للبحث هو ما إذا كان الواجبان المتزاحمان مضيقين أحدهما أهم من الآخر. وأما إذا كانا موسعين أو كان أحدهما موسعا والآخر مضيقا فقد سبق أن هاتين الصورتين خارجتان عن محل البحث والكلام.