منه هو الخبر القطعي الصدور. فإذا تقديمه على الشاذ ليس من باب الترجيح كما هو ظاهر.
ومن هنا يظهر حال صفات الراوي: كالأعدلية والأفقهية والأوثقية ونحوها أيضا، فإن الترجيح بها لم يذكر في غير المقبولة والمرفوعة من الأخبار العلاجية.
أما المرفوعة فقد عرفت حالها. وأما المقبولة فمع الغض عن سندها لم تجعل الترجيح بالصفات من مرجحات الروايتين، وإنما جعلت الترجيح بها من مرجحات الحكمين، حيث قال (عليه السلام): " الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما... إلى آخره (1) ".
وأما الدعوى الثالثة فلأن موضوع الترجيح في الأخبار العلاجية خصوص الخبرين المتعارضين، فالتعدي منهما إلى غيرهما يحتاج إلى دليل، وحيث لا دليل عليه فلابد من الاقتصار عليهما، فإن الدليل الخارجي مفقود على الفرض، وروايات الترجيح لا إطلاق فيها ولا عموم. فإذا لا يمكن رفع اليد عن مقتضى الأصل الأولي في غيرهما. ويأتي الكلام في جميع ذلك في بحث التعادل والترجيح - إن شاء الله تعالى - بصورة مفصلة (2). والغرض من التعرض هنا بهذا المقدار: الإشارة إلى أن مسألة التعارض كما تمتاز عن مسألة التزاحم بذاتها كذلك تمتاز عنها بمرجحاتها.
وأما الجهة الخامسة فيقع الكلام فيها في نقطتين:
الأولى: ما هو مقتضى القاعدة في مسألة التزاحم؟
الثانية: ما هو مرجحاتها؟
أما النقطة الأولى فمقتضى القاعدة فيها التخيير مع قطع النظر عن مرجحات تلك المسألة.
والوجه فيه واضح، وهو: أن المانع عن الإتيان بالمتزاحمين إنما هو عدم