الثالث: أن يكون وجوب الحج مزاحما بواجب فوري بعد حصول الاستطاعة، ففي مثل ذلك يقدم الأهم، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدم على الحج.
الرابع: أن النذر المعلق إذا كان على نحو الواجب المشروط فلا يكون مانعا عن وجوب الحج إذا حصلت الاستطاعة قبل تحقق الشرط، وإن كان على نحو الواجب المعلق بأن يكون الوجوب حاليا والواجب استقباليا فيكون مانعا عن وجوب الحج، ولو كان تحقق الاستطاعة قبل حصول المعلق عليه في الخارج.
ولكن للمناقشة في هذه الأمور مجالا:
أما الأمر الأول فقد ظهر فساده مما قدمناه بصورة مفصلة فلا حاجة إلى الإعادة (1).
وأما الأمر الثاني فإن الواجب المطلق الفوري الثابت على ذمة المكلف لا يخلو من أن يكون مشروطا بالقدرة عقلا، أو يكون مشروطا بها شرعا.
فعلى الفرض الأول فإن كان أهم من الواجب الآخر - وهو الحج في مفروض المثال - فلا إشكال في تقديمه عليه مطلقا، أي سواء أكان سابقا عليه زمانا، أم مقارنا معه، أم متأخرا عنه.
والوجه فيه: ما سيأتي بيانه - إن شاء الله - من أن الواجب الأهم يتقدم في مقام المزاحمة على المهم مطلقا ولو كان متأخرا عنه (2).
وعلى هذا فلا أثر لفرض كون ذلك الواجب قبل حصول الاستطاعة أو بعده كما عن السيد (قدس سره)، بل لا أثر لفرض كونه قبل زمان الواجب الآخر - وهو الحج هنا - أو بعده، فإنه يتقدم عليه في مقام المزاحمة على جميع هذه التقادير والفروض.
وإن كان بالعكس بأن يكون وجوب الحج أهم من ذلك الواجب الآخر فلا إشكال في تقديمه عليه، بلا فرق بين كونه متقدما عليه زمانا، أو مقارنا معه، أو متأخرا عنه.
والوجه في ذلك: ما ذكرناه من أن وجوب الحج مشروط بالقدرة عقلا