وأما بالترتب: فلأن الوضوء إذا لم يكن فيه ملاك عند مزاحمته مع الواجب المشروط بالقدرة عقلا فعصيان ذلك الواجب لا يحدث فيه مصلحة وملاكا، وعلى هذا فيمتنع تعلق الأمر به، لاستحالة تعلق الأمر بشئ بلا ملاك ولو كان على نحو الترتب، بداهة أنه لا فرق في استحالة تعلق الأمر بشئ بلا ملاك بين أن يكون ابتداء وأن يكون على نحو الترتب.
ثم قال (قدس سره): ومن هنا أن شيخنا العلامة الأنصاري والسيد العلامة الميرزا الكبير الشيرازي (قدس سرهما) لم يفتيا بصحة الوضوء في تلك الموارد، مع أنهما يريان صحة الترتب (1).
نعم، قد أفتى السيد العلامة الطباطبائي في العروة بصحة هذا الوضوء في مفروض الكلام، ولكن هذا غفلة منه (قدس سره) عن حقيقة الحال.
أقول: للنظر فيما أفاده (قدس سره) مجال واسع. والوجه في ذلك: هو أنه لا بد من التفصيل بين المثالين المذكورين، فما كان من قبيل المثال الأول فلا مانع من الالتزام بالترتب فيه، وما كان من قبيل المثال الثاني فلا، وذلك لا من ناحية ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره)، بل من ناحية أخرى ستظهر لك إن شاء الله.
أما المثال الأول وما شاكله: فلأن المانع منه ليس إلا توهم أنه لا ملاك للوضوء أو الغسل في هذه الموارد. وعليه فلا يمكن تعلق الأمر به ولو على نحو الترتب، لاستحالة وجود الأمر بلا ملاك.
ولكنه يندفع: بأن القول بجواز تعلق الأمر بالضدين على نحو الترتب لا يتوقف على إحراز الملاك في الواجب المهم، إذ لا يمكن إحرازه فيه إلا بتعلق الأمر به، فلو توقف تعلق الأمر به على إحرازه لدار، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الواجب المهم مشروطا بالقدرة عقلا، وأن يكون مشروطا بها شرعا، وذلك