مثلا: وجود الإنسان يغاير عدم نقيضه - عدم الإنسان - مفهوما، فإن مفهوم عدم العدم غير مفهوم الوجود وإن كان في الخارج عينه.
فإذا يمكن أن يقال: إن الشئ كالإنسان متحد في الرتبة مع عدم نقيضه. وأما عدم الإنسان فلا يغاير عدم نقيضه - وجود الإنسان - حتى مفهوما، فإن نقيضه هو الإنسان، وعدم نقيضه هو عدم الإنسان. إذا فلا معنى لأن يقال: إن عدم الإنسان متحد في الرتبة مع عدم الإنسان.
فالنتيجة لحد الآن قد أصبحت: أن التمسك بقياس المساواة إنما يصح في التقدم الزماني، فإن ما هو مع المتقدم بالزمان متقدم - لا محالة - دون ما إذا كان التقدم في الرتبة.
وقد عرفت أن غرض المحقق - صاحب الكفاية (قدس سره) - ليس التمسك بقياس المساواة لإثبات نفي المقدمية والتقدم لعدم أحد الضدين للضد الآخر ليرد عليه ما بيناه، بل غرضه ما ذكرناه سابقا (1). هذا غاية توجيه لما أفاده (قدس سره) في المقام.
وقد ظهر من ضوء بياننا هذا أمران:
الأول: بطلان ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من التمسك لإثبات كون عدم أحد الضدين في مرتبة الضد الآخر بقياس المساواة. وقد تقدم بيانه (2) مع جوابه مفصلا فلا حاجة إلى الإعادة.
الثاني: بطلان ما أفاده شيخنا المحقق (قدس سره): من أن المعية في الرتبة - كالتقدم أو التأخر الرتبي - لابد أن تكون ناشئة من ملاك وجودي، فلا يكفي فيها انتفاء ملاك التقدم أو التأخر.
والوجه في ذلك ما عرفت: من أن التقدم أو التأخر لابد أن يكون ناشئا من ملاك وجودي موجب له، وأما المعية في الرتبة فلا (3).
والسر في ذلك: أن كل شئ إذا قيس على غيره ولم يكن بينهما ملاك التقدم