على الآخر زمانا كما مر، ولا عبرة بتقديم سبب وجوب أحدهما على سبب وجوب الآخر، أو بتقديم حدوث وجوب أحدهما على حدوث وجوب الآخر بعد كونه مزاحما به بقاء.
الثالث: أنه لو تنزلنا عن ذلك أيضا وسلمنا أن وجوب الوفاء بالنذر وما شاكله مقدم على وجوب الحج زمانا فمع ذلك لا وجه لتقديمه عليه، وذلك لما عرفت من الوجهين المتقدمين، ونتيجتهما: هي أن حصول الاستطاعة في زمن متأخر كاشف عن بطلان النذر من الأول وعدم انعقاده.
ومن ذلك البيان قد ظهر فساد ما ذهب إليه جماعة منهم صاحب الجواهر (1) (قدس سره) من تقديم وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه على وجوب الحج بملاك أن النذر مقدم عليه زمانا، فيكون رافعا للاستطاعة، ولا عكس.
أو فقل: إن وجوب الوفاء به مطلق، ووجوب الحج مشروط فلا يمكن أن يزاحم الواجب المشروط الواجب المطلق. ووجه فساده: ما عرفت من منع ذلك صغرى وكبرى، فلا حاجة إلى الإعادة.
ثم إنه من الغريب ما صدر عن السيد الطباطبائي (قدس سره) في العروة في المسألة " 32 " من مسائل الحج، وإليك نص كلامه:
(إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين (عليه السلام) في كل عرفة ثم حصلت لم يجب عليه الحج، بل وكذا لو نذر إن جاء مسافره أن يعطي الفقير كذا مقدارا فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد حصول المعلق عليه، بل وكذا لو نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف مقدار مائة ليرة - مثلا - في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك فإن هذا كله مانع عن تعلق وجوب الحج به. وكذا إذا كان عليه واجب مطلق فوري قبل حصول الاستطاعة ولم يمكن الجمع بينه وبين الحج ثم حصلت الاستطاعة وإن لم يكن ذلك الواجب أهم من الحج، لأن العذر الشرعي كالعقلي