في موضع الإخفات وبالعكس - كما هو صريح صحيحة زرارة (1) - لا يمكن الحكم باستحقاق العقاب على مخالفة الواقع، لما عرفت من أنه مع قطع النظر عن الترتب فالحكم بالصحة يبتنى على أحد التقديرين المتقدمين، هما: كون التمام أو الجهر - مثلا - واجبا تعيينيا في ظرف الجهل، وكونه أحد فردي الواجب التخييري. وعلى كلا التقديرين لا مجال لاستحقاق العقاب أصلا. هذا تمام الكلام في الأمر الأول.
الثاني: أن الترتب كما يجري بين الواجبين المضيقين أحدهما أهم من الآخر كما سبق فهل يجري بين الواجبين أحدهما موسع والآخر مضيق أم لا؟
قد اختار شيخنا الأستاذ (قدس سره) جريانه فيهما، ببيان: أن الواجب المهم إذا كان موسعا له أفراد كثيرة وكان بعض أفراده مزاحما للأهم دون بعضها الآخر فبناء على ما ذكرناه من أن اعتبار القدرة في متعلق التكليف من جهة اقتضاء نفس التكليف ذلك فلا محالة يتقيد المأمور به بالحصة الخاصة، وهي الحصة المقدورة، فيخرج غير المقدور من الأفراد عن إطلاقه. وعليه فلا محالة يتوقف شمول الإطلاق للفرد المزاحم على القول بإمكان الترتب وجوازه، فإن قلنا به يدخل في الإطلاق عند عصيان الأمر بالأهم وترك متعلقه، وإلا فهو خارج عنه مطلقا.
نعم، يمكن الحكم بصحته حينئذ من جهة اشتماله على الملاك.
وأما بناء على ما ذكره المحقق الثاني (قدس سره) من أن اعتبار القدرة في متعلق التكليف إنما هو من ناحية حكم العقل بقبح تكليف العاجز فلا نحتاج في الحكم بصحة الفرد المزاحم إلى القول بالترتب والالتزام به، بل يمكن القول بها ولو قلنا