لمتعلقيهما، فإن متعلق الأمر بالأهم مطلوب على الإطلاق، وليس في عرضه مطلوب آخر ليزاحمه، وعلى تقدير تركه وعدم الإتيان به فالمهم حينئذ مطلوب، والمفروض أنه في هذا الظرف مقدور للمكلف عقلا وشرعا، فإذا كان كذلك فلا مانع من تعلق الأمر به، وليس فيه تكليف بالمحال والجمع أبدا، ومجرد ثبوت الأمر بالأهم في هذا الحال لا ينافيه لا ذاتا ولا اقتضاء.
ولعل المنكرين للترتب لم ينظروا إلى هذه النقطة نظرة عميقة صحيحة، بل نظروا إليها نظرة سطحية، وتخيلوا أن اجتماع الأمر بالأهم والأمر بالمهم في زمان واحد غير معقول.
وكيف ما كان فإمكان الترتب على ضوء بياننا هذا قد أصبح أمرا ضروريا، فلا مناص من الالتزام به أصلا.
التاسعة عشرة: أنه لا تنافي ولا تزاحم بين الملاك القائم بالمهم في ظرف ترك الأهم وعصيان أمره، والملاك القائم بالأهم على وجه الإطلاق. كما أنه لا تنافي بين إرادة المهم في هذا الظرف وإرادة الأهم على الإطلاق كما عرفت (1).
العشرون: أن الخطاب الناظر إلى موضوع خطاب آخر على قسمين:
أحدهما: ما كان رافعا لموضوعه بصرف وجوده وتحققه، وقد مثل شيخنا الأستاذ (قدس سره) لذلك بفروع كثيرة، ولكن قد عرفت أن الرافع للموضوع في تلك الفروعات ليس هو صرف وجود الخطاب، بل الرافع له شئ آخر كما عرفت.
وثانيهما: ما كان رافعا له بامتثاله والإتيان بمتعلقه، وقد تقدم أن القسم الأول خارج عن محل الكلام ولا يمكن فيه فرض الترتب، والقسم الثاني داخل فيه.
أدلة استحالة الترتب ونقدها الأول: ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، واليك نصه: (قلت: ما هو ملاك استحالة طلب الضدين في عرض واحد آت في طلبهما كذلك، فإنه وإن لم يكن