وقع التنافي والتزاحم بينهما، فلو صرف قدرته في امتثال هذا عجز عن الآخر، فينتفي بانتفاء موضوعه وهو القدرة، وإن عكس فبالعكس.
وعلى الجملة: فيجري فيه جميع ما يجري في التزاحم بين الواجبين النفسيين على القول بإمكان الترتب واستحالته حرفا بحرف، من دون فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.
ولكنه توهم خاطئ ولم يطابق الواقع. والوجه في ذلك: هو أنه لا شبهة في أن الأمر المتعلق بالمجموع المركب من الجزء المتعذر يسقط بتعذره لا محالة، ضرورة أنه لا يعقل بقاؤه، كما إذا فرضنا أن للمركب عشرة أجزاء - مثلا - وتعلق الأمر بها بعنوان كونها مقدورة، فعندئذ إذا فرض سقوط أحد أجزائه وتعذره فلا إشكال في سقوط الأمر المتعلق بمجموع العشرة، بداهة استحالة بقائه، لاستلزامه التكليف بالمحال وبغير المقدور. وأما الأمر المتعلق بالتسعة الباقية فهو أمر آخر لا الأمر الأول، لفرض أنه متعلق بالمركب من عشرة أجزاء، لا بالمركب من التسعة، وهذا واضح.
وأما إذا تعذر أحد جزءين منها لا بعينه بأن تردد الأمر بين كون المتعذر هذا أو ذاك فأيضا لا شبهة في سقوط الأمر المتعلق بالمجموع، لفرض عدم قدرة المكلف عليه، ومعه يستحيل بقاء أمره، لاستلزامه التكليف بغير المقدور.
وعليه فلا محالة نشك في أن المجعول الأولي في هذا الحال أي شئ؟ هل هو جزئية هذا أو جزئية ذاك، أو أنه جزئية الجامع بينهما بلا خصوصية لهذا ولا لذاك؟ فإذا لا محالة يدخل المقام في باب التعارض، فيرجع إلى أحكامه وقواعده.
وبتعبير واضح: أنه لا شبهة في سقوط الأمر المتعلق بالمجموع المركب من عشرة أجزاء - مثلا - بتعذر جزئه وسقوطه واستحالة بقائه كما عرفت، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المتعذر معينا أو غير معين، كما هو واضح. ومن المعلوم أن بسقوطه - الأمر - تسقط جميع الأوامر الضمنية المتعلقة بأجزائه، لفرض أن تلك