محال، لأن اقتضاء المحال محال كما عرفت (1).
الثالثة: أن المعاندة والمنافاة بين الضدين لو كانت مقتضية للتوقف المذكور لكانت مقتضية له بالإضافة إلى النقيضين أيضا، وبطلانه غني عن البيان.
ولنأخذ الآن بدراسة هذه النقاط:
أما النقطة الأولى: فهي في غاية الصحة والمتانة على البيان المتقدم.
وأما النقطة الثانية: فللمناقشة فيها مجال واسع، وذلك لأنه لا مانع من ثبوت المقتضي لكل من الضدين في نفسه مع قطع النظر عن الآخر، ولا استحالة فيه أصلا.
والوجه في ذلك: هو أن كلا من المقتضيين إنما يقتضي أثره في نفسه مع عدم ملاحظة الآخر، فمقتضي البياض - مثلا - إنما يقتضيه في نفسه، سواء أكان هناك مقتض للسواد أم لم يكن، كما أن مقتضي السواد إنما يقتضيه كذلك، وإمكان هذا واضح، ولا نرى فيه استحالة، فإن المستحيل إنما هو ثبوت المقتضي لكل من الضدين بقيد التقارن والاجتماع لا في نفسه، أو اقتضاء شئ واحد بذاته لأمرين متنافيين في الوجود، وهذا مصداق قولنا: اقتضاء المحال محال، لا فيما إذا كان هناك مقتضيان كان كل واحد منهما يقتضي في نفسه شيئا مخصوصا وأثرا خاصا مع قطع النظر عن ملاحظة الآخر.
والبرهان على ذلك: أنه لولا ما ذكرناه من إمكان ثبوت المقتضي لكل منهما في نفسه لم يمكن استناد عدم المعلول إلى وجود مانعه أصلا، لأن أثر المانع كالرطوبة - مثلا - لا يخلو من أن يكون مضادا للمعلول وهو الإحراق، وأن لا يكون مضادا له.
فعلى الفرض الأول يستحيل ثبوت المقتضي للمعلول والممنوع ليكون عدمه مستندا إلى وجود مانعه، لفرض وجود ضده وهو أثر المانع، وقد سبق أن عند وجود أحد الضدين يستحيل ثبوت المقتضي للآخر، فيكون عدمه من جهة عدم