وهي صحة الضد العبادي. وأما الحكم بفساده على القول الآخر فهو يتوقف على استلزام النهي الغيري، كما يستلزمه النهي النفسي، وسنتعرض إلى ذلك - إن شاء الله تعالى - بشكل واضح.
فالنتيجة الكلية: هي أن الملاك في كون المسألة أصولية وقوعها في طريق الاستنباط بنفسها ولو باعتبار أحد طرفيها في مقابل ما ليس له هذا الشأن، وهذه الخاصة كمسائل سائر العلوم.
وأما كونها عقلية: فلأن الحاكم بالملازمة المزبورة إنما هو العقل، ولا صلة لها بدلالة اللفظ أبدا.
الثالثة: أن المراد من الاقتضاء في عنوان المسألة ليس ما هو ظاهره، بل الأعم منه ومن الاقتضاء بنحو الجزئية والعينية ليعم جميع الأقوال.
فإن منها: قولا بأن الأمر بالشئ عين النهي عن ضده.
ومنها: قول بأن النهي عن الضد جزء من الأمر بشئ.
ومنها: قول بأن الأمر بالشئ يستلزم النهي عن ضده كما هو ظاهر لفظ الاقتضاء، فالتعميم لأجل أن لا يتوهم اختصاص النزاع بالقول الأخير.
الرابعة: أن المراد بالضد في محل البحث: مطلق ما يعاند الشئ وينافيه، سواء أكان أمرا وجوديا كالأضداد الخاصة، أو الجامع بينها - وقد يعبر عن هذا الجامع بالضد العام أيضا - أم كان أمرا عدميا، كالترك الذي هو المسمى عندهم بالضد العام، فإن من الأقوال في المسألة: قول بأن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده العام وهو الترك.
وبعد بيان ذلك نقول: إن الكلام يقع في مقامين:
الأول: في الضد الخاص. والثاني: في الضد العام.
أما الكلام في المقام الأول: فقد استدل جماعة على اقتضاء الأمر بالشئ النهي عن ضده - سواء كان المراد به أحد الأضداد الخاصة أو الجامع بينها - بوجهين: