متأخر خارجا فلا يعقل أن يكون مسقطا للتكليف بالمتقدم - لا يرجع إلى معنى صحيح، لما عرفت من أن المسقط له ليس هو امتثال التكليف بالمتأخر ليقال: إنه حيث لا يكون في عرضه فلا يكون مسقطا له، بل المسقط له ما مر، وهو عدم تمكن المكلف من امتثاله.
فالنتيجة لحد الآن قد أصبحت: أنه لا فرق في نظر العقل بين أن يكون المتزاحمان المتساويان عرضيين أو طوليين، إذ أنه على كلا التقديرين يستقل العقل بالتخيير بينهما على بيان تقدم بصورة واضحة.
ثم إن ما مثل لذلك شيخنا الأستاذ (قدس سره) بما إذا دار الأمر بين ترك القيام في الركعة الأولى من الصلاة وتركه في الركعة الثانية فقد ظهرت المناقشة فيه مما تقدم من أنه لا تعقل المزاحمة بين جزءين أو شرطين، أو جزء أو شرط لواجب واحد (1)، وسيجئ الكلام في ذلك بصورة مفصلة.
ثم إن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد طبق كبرى مسألة التزاحم على جملة من الفروع، وقد تقدم الكلام في بعضها (2):
الأول: ما إذا دار الأمر بين سقوط الطهور في الصلاة وسقوط قيد من قيودها الاخر فيسقط ذلك القيد وإن كان وقتا، لكون الطهور ركنا لها وأهم من بقية القيود، ولذا ورد: أنه " لا صلاة إلا بطهور " (3).
الثاني: ما إذا دار الأمر بين خصوص الطهارة المائية وغيرها من القيود فيقدم غيرها عليها. وقد ذكر في وجه ذلك: أن أجزاء الصلاة وشرائطها وإن كانت مشروطة بالقدرة شرعا بمقتضى ما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال (4) إلا أن الطهارة المائية خاصة ممتازة عن بقية القيود من الأجزاء والشرائط، من جهة جعل الشارع البدل لها وهو الطهارة الترابية، فبذلك تتأخر رتبتها عن الجميع،