وأما المورد الثاني: فلا شبهة في صحة الوضوء أو الغسل ولو قلنا بالفساد في المورد الأول، ولا تتوقف صحته على القول بالترتب، لفرض أنه مأمور بالطهارة المائية لتمكنه منها، غاية الأمر أن المكلف بسوء اختياره قد ارتكب المحرم بدخوله في المكان المزبور وتوضأ أو اغتسل فيه، ومن الواضح أن ارتكاب محرم مقدمة للوضوء أو الغسل أو في أثنائه إذا لم يكن متحدا معه لا يوجب فساده. هذا كله فيما إذا لم يكن الفضاء مغصوبا، بل كان مباحا أو مملوكا للمتوضئ.
وأما المقام الثاني - وهو الوضوء أو الغسل في الفضاء المغصوب - فالظاهر بطلان الوضوء فحسب دون الغسل. أما الوضوء فمن جهة المسح حيث يعتبر فيه إمرار اليد وهو نحو تصرف في ملك الغير فيكون محرما. ومن الواضح جدا أن المحرم لا يقع مصداقا للواجب، ولا يفرق في ذلك بين صورتي انحصار الماء وعدمه، كما هو ظاهر.
نعم، لو أوقع المسح في غير الفضاء المغصوب لصح وضوؤه على الأقوى وإن كان الأحوط تركه.
ومن هنا استشكلنا في صحة التيمم في الفضاء المغصوب من جهة أن المعتبر فيه إمرار اليد وهو نحو تصرف فيه. ولا يفرق في هذا بين وجود المندوحة وعدمها.
وأما الغسل فحيث إنه لا يعتبر فيه إمرار اليد فلا يكون تصرفا فيه وإن كان الأحوط تركه أيضا.
ونلخص نتائج الأبحاث المقدمة في عدة نقاط:
1 - قد سبق أنه يمكن تصحيح الجهر في موضع الإخفات وبالعكس، والإتمام في موضع القصر بالالتزام بالترتب في مقام الجعل، ولا يرد عليه شئ مما أورده شيخنا الأستاذ (قدس سره) (1).
2 - قد تقدم أن التضاد الدائمي بين متعلقي الحكمين وإن كان يوجب