الأمران متقارنين زمانا، ومع إثبات أن الجمع بين الأمرين في زمان واحد مع ترتب أحدهما على عصيان الآخر لا يرجع إلى طلب الجمع بين الضدين فلا مانع منه أصلا، وهذا هو ملاك القول بإمكان الترتب وصحته، كما أن ملاك القول بامتناعه واستحالته تخيل أن الجمع بين الخطابين في زمان واحد يستلزم طلب الجمع بين الضدين وهو محال.
وعلى هذا الأساس، فكل من ملاك إمكان الترتب واستحالته أجنبي عن ملاك إمكان الواجب المعلق والشرط المتأخر واستحالتهما تماما، إذ ملاك إمكان الترتب وامتناعه يدوران مدار النقطة المزبورة، وهي أن الجمع بين الطلبين في زمان واحد هل يستلزم طلب الجمع بين الضدين أم لا؟ فالقائل باستحالة الترتب يدعي الأول، والقائل بإمكانه يدعي الثاني، فتلك النقطة هي محط البحث والأنظار بين الأصحاب في المقام. وملاك إمكان الواجب المعلق والشرط المتأخر وملاك استحالتهما يدوران مدار ما ذكرناه من الأساس هناك، فلا حاجة إلى الإعادة.
وقد تحصل من ذلك: أن القول بإمكان الترتب لا يتوقف على القول باستحالة الواجب المعلق أو الشرط المتأخر. وعليه فلا فرق فيما ذكرناه من إمكان الترتب، وأن الجمع بين الأمرين في زمان واحد لا يرجع إلى طلب الجمع بين الضدين بين وجهة نظرنا في هاتين المسألتين " الواجب المعلق والشرط المتأخر " وبين وجهة نظر شيخنا الأستاذ (قدس سره) فيهما أصلا.
فالغرض من هذه الجهة دفع ما توهم من ابتناء القول بإمكان الترتب على القول باستحالة الواجب المعلق أو الشرط المتأخر.
الجهة الثالثة: لا إشكال في إطلاق الواجب بالإضافة إلى وجوده وعدمه، بمعنى تعلق الطلب بالماهية المعراة عن الوجود والعدم، بداهة أن الطلب المتعلق بالفعل لا يعقل تقييد متعلقه بالوجود أو العدم، إذ على الأول يلزم طلب الحاصل، وعلى الثاني الخلف، أو طلب الجمع بين النقيضين، وكذا الحال في الطلب المتعلق