الخطاب بهذا في الجملة وثبوت الخطاب بذاك كذلك، وإنما تكون المعارضة بين إطلاق هذا ووجود الآخر، وبالعكس، وهي لا توجب إلا رفع اليد عن إطلاق كل منهما لا عن أصله، فيكون إطلاق كل واحد منهما مترتبا على عدم الإتيان بالآخر.
ونتيجة ذلك: هو الالتزام بالترتب من الجانبين، أو الالتزام بالوجوب التخييري، إلا فيما إذا علم بكذب أحدهما وعدم صدوره في الواقع فعندئذ تقع المعارضة بينهما، فيرجع إلى قواعد باب التعارض.
وأما موارد اجتماع الأمر والنهي فإن قلنا بالامتناع - إما لدعوى سراية النهي من متعلقه إلى متعلق الأمر، وإما لدعوى أن التركيب بينهما اتحادي - فهي من صغريات مسألة التعارض دون التزاحم. وعليه فلا معنى للقول بالترتب فيها أصلا.
وإن قلنا بالجواز وتعدد المجمع فإن كانت هناك مندوحة وتمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال فلا تزاحم بينهما أصلا كما تقدم. وإن لم تكن هناك مندوحة فتقع المزاحمة بينهما لا محالة (1).
ولكن عندئذ يدخل هذا القسم في القسم الخامس، ولا يكون قسما آخر في قباله، بل هو من أحد مصاديقه. وسيأتي بيان كل واحد من هذه الأقسام بصورة مفصلة إن شاء الله تعالى.
والغرض من التعرض هنا الإشارة إلى عدم صحة هذا التقسيم، وأن منشأ التزاحم في جميع تلك الأقسام نقطة واحدة، وهي عدم قدرة المكلف على الجمع بين متعلقي الحكمين في ظرف الامتثال والإطاعة كما اعترف (قدس سره) بذلك. ومن الواضح أنه لا يفرق في هذا بين أن يكون التزاحم بين واجبين متضادين من باب الاتفاق، أو بين واجب وحرام، سواء كانا متلازمين أو كان أحدهما متوقفا على الآخر، فإن الجميع - بالإضافة إلى تلك النقطة - على نسبة واحدة.
وأما ما ذكره (قدس سره) من أن التزاحم قد لا ينشأ من جهة عدم قدرة المكلف بل من