وهو عنوان تعلق النذر به، وليس مراده منه الرجحان بملاحظة وجوب الوفاء بالنذر ليلزم منه جواز تحليل المحرمات، لما عرفت من استحالة اقتضاء وجوب الوفاء بالنذر ذلك، أعني رجحان متعلقه.
فما أورده شيخنا الأستاذ (قدس سره) على السيد (رحمه الله) إنما يتم لو كان مراده من الرجحان الناشئ من قبل النذر الرجحان بملاحظة وجوب الوفاء به.
وعلى هذا البيان قد ظهر: أن ما ذكره السيد (قدس سره) في العروة لا يستلزم جواز تحليل المحرمات بالنذر، ضرورة أن ما أفاده (قدس سره) أجنبي عن ذلك تماما، وخاص بما إذا قام دليل على صحة النذر.
وإن شئت فقل: إن إطلاق أدلة المحرمات كاف لإثبات عدم الرجحان، والمفروض أن دليل وجوب الوفاء بالنذر لا يقتضي رجحان متعلقه كما عرفت.
ومن الواضح جدا أنه لا مزاحمة بين ما فيه الاقتضاء وما لا اقتضاء فيه أبدا.
نعم، إذا قام دليل على صحة تعلق النذر بفرد مامن أفراد المحرمات فلا مناص من الالتزام بصحته وانعقاده وتقييد إطلاق دليل التحريم بغير هذا الفرد، ولا يفرق فيه بين القول باعتبار رجحان متعلقه في نفسه، والقول بكفاية الرجحان الناشئ من تعلق النذر به، ضرورة أنه على كلا القولين لا مناص من الالتزام بالصحة، غاية الأمر على القول الأول يلزم أن يكون الدليل المزبور مخصصا لأدلة اشتراط صحة النذر بكون متعلقه راجحا في نفسه دون القول الثاني، ولكن لا تترتب على ذلك أية ثمرة عملية.
وقد تحصل مما ذكرناه عدة أمور:
الأول: أن وجوب الحج ليس مشروطا بالقدرة شرعا، فإنه يبتنى على تفسير الاستطاعة بالتمكن من أداء فريضة الحج عقلا وشرعا، ولكنك عرفت أنه تفسير خاطئ بالنظر إلى الروايات الواردة في تفسيرها وبيان المراد منها، حيث إنها قد فسرت في تلك الروايات بالتمكن من الزاد والراحلة وأمن الطريق، وفي بعضها وإن زاد صحة البدن أيضا ولكن من المعلوم أنها ليست شرط الوجوب مطلقا،