فليس مقتضى الأمرين طلب الجمع بين الضدين في زمن واحد، لأن أحدهما في طول الآخر لا في عرضه، وعليه فلا يمكن أن يقع متعلقهما على صفة المطلوبية ولو تمكن المكلف من إيجادهما في الخارج.
أو فقل: إن طلب الجمع بين فعلين في الخارج يتصور على صور أربع، وما نحن فيه ليس من شئ منها:
الأولى: ما إذا كان هناك أمر واحد تعلق بالجمع بين فعلين على نحو يرتبط كل منهما بالآخر ثبوتا وسقوطا، كما إذا تعلق الأمر بالجمع بين الكتابة والجلوس مثلا.
الثانية: ما إذا تعلق أمران بفعلين على نحو يكون متعلق كل من الأمرين مقيدا بحال امتثال الأمر بالآخر، كما إذا أمر المولى بالصلاة المقارنة لامتثال الأمر بالصوم، وبالعكس.
الثالثة: أن يكون متعلق أحد الخطابين مقيدا بحال امتثال الآخر دون العكس.
الرابعة: ما إذا تعلق أمران بفعلين على وجه الإطلاق بأن يكون كل منهما مطلقا بالإضافة إلى حال امتثال الآخر، والإتيان بمتعلقه كما هو الحال في الأمر المتعلق بالصوم والصلاة، فإن وجوب كل منهما مطلق بالإضافة إلى الإتيان بالآخر.
هذه هي الصور التي يكون المطلوب فيها الجمع، غاية الأمر أن الجمع في الصورة الأولى بعنوانه متعلق للأمر والطلب. وأما في الصور الثلاثة الأخيرة فالجمع بعنوانه ليس متعلقا للطلب، بل الأمر فيها يرجع إلى طلب واقع الجمع وحقيقته بالذات كما في الصورتين الأوليين، وبالعرض كما في الصورة الأخيرة، فإن الجمع في تلك الصورة - أعني بها الصورة الأخيرة - ليس بمطلوب، لا بعنوانه ولا بواقعه حقيقة، وإنما هو مطلوب بالعرض، بمعنى أن عند تحقق امتثال أحدهما كان الإتيان بالآخر أيضا مطلوبا، وهذا نتيجة إطلاق الخطابين.
وعلى كل حال فالقول بالترتب واجتماع الأمر بالمهم مع الأمر بالأهم في زمان واحد لا يستلزم القول بطلب الجمع بينهما أصلا. أما الجمع بمعنى تعلق طلب