تركه. ودعوى الإجماع عليه في هذا الفرض من الغرائب كما لا يخفى، على أن استحقاق العقاب ليس من الأحكام الشرعية ليمكن دعوى الإجماع عليه. هذا مع أن كلمات كثير من الأصحاب خالية عن ذلك.
وأما على الثاني فلا شبهة في أن الحكم في الواقع حينئذ يكون هو التخيير بين الجهر والإخفات والقصر والتمام، ولازم ذلك أن يكون الإتيان بالقصر أو الإخفات مجزيا كما هو شأن كل واجب تخييري. وعلى هذا فلا موضوع لاستحقاق العقاب بعد الإتيان بأحد طرفي التخيير وإن لم يكن المكلف حال العمل ملتفتا إليه، ضرورة أن الالتفات إليه ليس من أحد شرائط صحة الإتيان بأحد طرفيه (1).
وقد تحصل مما ذكرناه أمران:
الأول: أنه يمكن دفع الإشكال المزبور عن المسألتين المتقدمتين بوجهين:
أحدهما: الالتزام بالترتب في مقام الجعل، وقد عرفت أنه لا مانع منه أصلا، غاية الأمر أن وقوعه في الخارج يحتاج إلى دليل، وقد دل الدليل على وقوعه فيهما.
ثانيهما: ما ذكرناه لحد الآن من أنه لا موجب لاستحقاق العقاب أصلا كما عرفت.
الثاني: أن نقطة الامتياز بين هذين الجوابين هي أن الجواب الأول ناظر إلى أنه لا مانع من الجمع بين الأمرين المزبورين، أعني بهما: صحة التمام في موضع القصر والجهر في موضع الإخفات أو بالعكس، واستحقاق العقاب على مخالفة الواقع، فإنه بناء على القول بصحة الترتب فيهما لا إشكال في الالتزام بالجمع بين هذين الأمرين، بل هو لازم ضروري للقول بالترتب، كما عرفت الكلام فيه بصورة مفصلة (2).
والجواب الثاني ناظر إلى أنه مع الحكم بصحة التمام في موضع القصر والجهر