فالصحيح في المقام أن يقال كما ذكرناه سابقا: إن هذه الصورة - أعني بها:
ما إذا كان المهم موسعا والأهم مضيقا - خارجة عن كبرى مسألة التزاحم لتمكن المكلف فيها على الفرض من الجمع بين التكليفين في مقام الامتثال، ومعه لا مزاحمة بينهما أصلا. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن البحث عن إمكان ترتب أحد الحكمين على عدم الإتيان بمتعلق الحكم الآخر واستحالة ذلك إنما هو في فرض التزاحم بينهما، وإلا فلم يكن للبحث عنه موضوع أصلا، كما هو واضح.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي أن الصورة المزبورة خارجة عن موضوع بحث الترتب، فإن موضوع بحثه هو ما إذا لم يمكن إثبات صحة المهم إلا بناء على القول بالترتب، وفي المقام يمكن إثبات صحته بدون الالتزام به، بل ولو قلنا باستحالته كما عرفت غير مرة.
الثالث: ذكر شيخنا الأستاذ (قدس سره): أن المكلف قد يكون عالما بخطاب الأهم قبل الشروع في امتثال خطاب المهم، وقد يكون عالما به بعد الشروع فيه.
أما على الفرض الأول فيدور الحكم بصحة الإتيان بالمهم وامتثال خطابه مدار القول بإمكان الترتب، كما أن الحكم بفساده يدور مدار القول بامتناعه كما سبق.
وأما على الفرض الثاني - وهو ما إذا كان المكلف عالما بخطاب الأهم بعد الشروع فيه - فإن كان الواجب المهم مما لا يحرم قطعه فحكمه حكم الفرض الأول بلا كلام. وأما إن كان مما يحرم قطعه - كما إذا دخل في المسجد وشرع في الصلاة ثم علم بتنجسه - فعندئذ لا يتوقف بقاء الأمر بالمهم - وهو الصلاة في مفروض المثال - على القول بالترتب، فيمكن الحكم بصحتها من دون الالتزام به أصلا.
والوجه في ذلك: هو أن إزالة النجاسة عن المسجد وإن كانت أهم من الصلاة باعتبار أنها فورية دون الصلاة إلا أن المكلف إذا شرع فيها وحرم عليه قطعها على