الفرض لم يكن عندئذ موجب لتقديم الأمر بالإزالة على الأمر بالصلاة. وعليه فلا يتحقق عصيان لخطابها ليكون الأمر بإتمامها متوقفا على جواز الترتب.
وسر ذلك: هو أن الدليل على وجوب الإزالة إنما هو الإجماع، وليس دليلا لفظيا ليكون له إطلاق أو عموم يشمل هذه الصورة أيضا. وعلى هذا فلابد من الاقتصار على المقدار المتيقن منه، والمقدار المتيقن منه غير تلك الصورة فلا يشملها. إذا يبقى الأمر بالإتمام بلا مزاحم.
وعلى الجملة: فالإجماع بما أنه دليل لبي فالقدر المتيقن منه غير هذا الفرض، فلا يشمل ذلك.
نعم، إذا كان هناك واجب آخر أهم من إتمام الصلاة كحفظ النفس المحترمة أو ما شاكله توقف الأمر بإتمام الصلاة عندئذ على القول بالترتب أيضا، ضرورة أن الأمر بالإتمام من جهة مزاحمته بالأهم قد سقط يقينا، فثبوته له حينئذ لا محالة يتوقف على عصيان الأمر بالأهم وعدم الإتيان بمتعلقه خارجا.
وغير خفي أن ما أفاده (قدس سره) إنما يتم لو كان مدرك حرمة قطع الصلاة هو الروايات الدالة على أن تحليلها هو التسليم (1)، فإن مقتضى إطلاق تلك الروايات هو حرمة قطعها، والخروج عنها بغير التسليم مطلقا ولو كانت مزاحمة مع الإزالة.
ولكن قد ذكرنا في بحث الفقه: أن شيئا من هذه الروايات لا يدل على حرمة قطع الصلاة، غاية ما في الباب أنها تدل على أن التسليم هو الجزء الأخير، وأن الصلاة تختتم به كما تفتتح بالتكبيرة، وأما أن قطعها يجوز أو لا يجوز فهي أجنبية عن هذا تماما (2).
ومن هنا قلنا: إنه لا دليل على حرمة قطع الصلاة أصلا، ما عدا دعوى الإجماع على ذلك كما في كلمات غير واحد. ولكن قد ذكرنا: أن الإجماع لم يتم، فإن المحصل منه غير ثابت، والمنقول منه غير معتبر، على أنه يحتمل أن