وأما ما تكرر في كلماتنا من أن فعلية الأمر بالمهم مشروطة بعصيان الأمر بالأهم فمن جهة أنه عنوان يمكن الإشارة به إلى ما هو شرط في الواقع، وهو ترك الأهم غالبا، لا من ناحية أنه شرط واقعا وله موضوعية في المقام.
إذا فما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) هنا لا يرجع بالتحليل العلمي إلى معنى صحيح أبدا.
وعلى هذا الأساس لا مانع من الالتزام بالترتب في هاتين المسألتين ودفع الإشكال المتقدم به، غاية الأمر أن الترتب فيهما حيث إنه على خلاف القاعدة فيحتاج وقوعه إلى دليل، والدليل موجود هنا، وهو الروايات الصحيحة (1) الواردة فيهما، وذلك لا ينافي دفع الإشكال بشكل آخر كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وعلى ضوء ما حققناه قد تبين أنه لا أصل للركيزة الثانية والثالثة، وهما:
عصيان الأمر بالأهم، والعلم بعصيانه، ولا دخل لهما في صحة الترتب أصلا.
نعم، الذي ترتكز عليه صحة الترتب وجوازه هو ترك الإتيان بما تعلق الخطاب المترتب عليه بما هو ترك، وإحراز ذلك الترك في الخارج.
وعلى هذا الأساس لابد من التفصيل بين الموارد الثلاثة المتقدمة - أعني بها الشبهات البدوية والشبهات قبل الفحص والموارد المهمة - وموارد العلم الإجمالي بالالتزام بجريان الترتب فيما عدا الأولى، وعدم جريانه فيها. فهاهنا دعويان:
الأولى: عدم جريان الترتب في موارد الشبهات البدوية.
الثانية: جريانه في ما عداها.
أما الدعوى الأولى: فهي في غاية الصحة والمتانة. والوجه في ذلك واضح، وهو: أن التكليف الواقعي في الشبهات البدوية على تقدير ثبوته غير صالح لأن يكون مزاحما لحكم من الأحكام، ومع هذا الحال لا موضوع للبحث عن الترتب.
وأما الدعوى الثانية: فلأن التكليف الواقعي في جميع تلك الموارد من جهة