وصوله إلى المكلف بطريقه أو بعلم إجمالي صالح لأن يكون مزاحما لتكليف آخر مضاد له. وعليه فلا مانع من الالتزام بالترتب فيها باعتبار أن التكليف الواقعي بعد تنجزه لا محالة يقتضي لزوم الإتيان بتلك المشتبهات في موارد الشبهات الوجوبية، ووجوب الاجتناب عنها في موارد الشبهات التحريمية، وعندئذ لو كان هناك واجب آخر يزاحم لزوم الإتيان بها أو وجوب الاجتناب عنها فلا مانع من الالتزام بوجوبه عند ترك ذلك، وهذا واضح.
وأما النقطة الثانية: فلا يمكن القول بها. والوجه في ذلك: هو أن العقاب ليس على مخالفة الوجوب الطريقي الواصل المصادف للواقع، ضرورة أن مخالفة الوجوب الطريقي بما هو لا توجب العقاب، وفي صورة المصادفة للواقع ليس العقاب على مخالفته، بل إنما هو على مخالفة الواقع، فإنه بعد تنجزه بوجوب الاحتياط أو التعلم فلا محالة توجب مخالفته استحقاق العقاب.
وعلى الجملة: فوجوب الاحتياط أو التعلم ليس وجوبا نفسيا على الفرض لتستلزم مخالفته العقوبة، بل هو وجوب طريقي شأنه إحراز الواقع وتنجزه، وبعده لا محالة يكون العقاب على مخالفة الواقع بما هو لا على مخالفته، وضم مخالفته إلى مخالفة الواقع بالإضافة إلى استحقاق العقاب كالحجر في جنب الإنسان، ضرورة أنه لا دخل له في العقاب أصلا.
نعم، ما أفاده (قدس سره) من أن العقاب لا يمكن أن يكون على الواقع المجهول بما هو متين، إلا أن ذلك لا يوجب أن لا يمكن العقاب عليه بعد إحرازه وتنجزه من جهة وجوب الاحتياط أو التعلم أيضا. فما أفاده (قدس سره) هنا لا يلائم مذهبه من أن وجوب التعلم والاحتياط طريقي لا نفسي.
وأما النقطة الثالثة - وهي استحالة أخذ النسيان في موضوع الحكم - فهي في غاية الجودة والاستقامة، وقد تعرضنا لها في الدورة السابقة في آخر بحث البراءة والاشتغال بصورة مفصلة فلا حاجة إلى الإعادة هنا، ويأتي الكلام