في مرتبة طلب الأهم اجتماع طلبهما إلا أنه كان في مرتبة الأمر بغيره اجتماعهما، بداهة فعلية الأمر بالأهم في هذه المرتبة، وعدم سقوطه بعد بمجرد المعصية فيما بعد ما لم يعص، أو العزم عليها مع فعلية الأمر بغيره أيضا، لتحقق ما هو شرط فعليته فرضا.
لا يقال: نعم، ولكنه بسوء اختيار المكلف حيث يعصي فيما بعد بالاختيار، فلولاه لما كان متوجها إليه إلا الطلب بالأهم، ولا برهان على امتناع الاجتماع إذا كان بسوء الاختيار.
فإنه يقال: استحالة طلب الضدين ليست إلا لأجل استحالة طلب المحال، واستحالة طلبه من الحكيم الملتفت إلى محاليته لا تختص بحال دون حال، وإلا لصح فيما علق على أمر اختياري في عرض واحد بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب، مع أنه محال بلا ريب ولا إشكال.
إن قلت: فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك فإن الطلب في كل منهما في الأول يطارد الآخر، بخلافه في الثاني فإن الطلب بغير الأهم لا يطارد طلب الأهم، فإنه يكون على تقدير عدم الإتيان بالأهم، فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه وعدم عصيان أمره.
قلت: ليت شعري كيف لا يطارده الأمر بغير الأهم؟! وهل يكون طرده له إلا من جهة فعليته ومضادة متعلقه له؟ وعدم إرادة غير الأهم على تقدير الإتيان به لا يوجب عدم طرده لطلبه مع تحققه على تقدير عدم الإتيان به وعصيان أمره، فيلزم اجتماعهما على هذا التقدير مع ما هما عليه من المطاردة من جهة المضادة بين المتعلقين، مع أنه يكفي الطرد من طرف الأمر بالأهم؟! فإنه على هذا الحال يكون طاردا لطلب الضد - كما كان في غير هذا الحال - فلا يكون له معه أصلا بمجال) (1).
أقول: ملخص ما أفاده (قدس سره): هو أن اجتماع الأمر بالمهم والأمر بالأهم في زمان واحد - كما هو المفروض في محل الكلام - يقتضي الجمع بينهما في ذلك