وأما أنه ليس من قبيل الثالث فظاهر، بل هو في طرف النقيض معه، إذ المفروض في المقام أن الأمر بالمهم مقيد بعدم الإتيان بالأهم، على عكس ذلك تماما.
فالنتيجة على ضوء ذلك: أن مقتضى - بالفتح - مثل هذين الخطابين يستحيل أن يكون هو الجمع بين متعلقيهما، بداهة أن مقتضى - بالفتح - أحدهما رافع لموضوع الآخر وهادم له. إذا لا يلزم من اجتماع الخطابين في زمان واحد طلب الجمع ليقال باستحالة ذلك وعدم إمكان الانبعاث عنهما.
نعم، هو جمع بين الطلبين لا طلب للجمع بين الضدين، وبذلك ظهر أن انبعاث المكلف عن كلا الأمرين في عرض واحد وإن كان لا يمكن إلا أن انبعاثه عنهما على نحو الترتب لا مانع منه أصلا، فإنه عند انبعاثه عن الأمر بالأهم لا بعث بالإضافة إلى المهم ليزاحمه في ذلك ويقتضي انبعاث المكلف نحوه، وعلى تقدير عدم انبعاثه عنه باختياره وإرادته لا مانع من انبعاثه عن الأمر بالمهم، بداهة أن المهم مقدور للمكلف في هذا الحال عقلا وشرعا، فإذا كان مقدورا فلا مانع من تعلق الأمر به الموجب لانبعاث المكلف عنه نحو إيجاده. فهذا الوجه أيضا لا يرجع إلى معنى محصل.
وقد أجاب عنه شيخنا الأستاذ (قدس سره) بما ملخصه: أن الأمر بالأهم والأمر بالمهم وإن كانا فعليين حال العصيان معا إلا أن اختلافهما في الرتبة أوجب عدم لزوم طلب الجمع من فعليتهما، لما عرفت من أن الأمر بالأهم في رتبة يقتضي هدم موضوع الأمر بالمهم وعدمه، وأما هو فلا يقتضي وضع موضوعه، وإنما يقتضي إيجاد متعلقه في الخارج على تقدير وجود موضوعه، وحيث إنه لم يكن بين الأمرين اتحاد في الرتبة يستحيل أن تقتضي فعليتهما طلب الجمع بين متعلقيهما (1).
ومن هنا قال: إن ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء (قدس سره) من أن الأمر بالمهم