يستحيل أن يقتضي وجود موضوعه أو عدمه (1)، والأمر بالأهم بما أنه كان محفوظا في هذا الحال فهو يقتضي هدم عصيانه ورفعه باعتبار اقتضائه إيجاد متعلقه في الخارج.
ومن الواضح أن الجمع بين ما لا اقتضاء فيه وما فيه الاقتضاء لا يستلزم طلب الجمع، بل هو في طرف النقيض معه.
ومن هنا قلنا: إنه لو تمكن المكلف من الجمع بينهما خارجا فلا يقعان على صفة المطلوبية، بل الواقع على هذه الصفة خصوص الواجب الأهم دون المهم، وبما أن المفروض قدرة المكلف على الإتيان بالمهم في ظرف ترك الأهم فلا مانع من تعلق التكليف به على هذا التقدير وحصول الانبعاث منه، ضرورة أن المانع عن ذلك إنما هو عدم قدرة المكلف عليه، وحيث إن المطلوب لم يكن عند اجتماع الطلبين هو الجمع بين متعلقيهما وحصول الانبعاث منهما معا فلا مانع منه أبدا.
وقد ذكرنا: أن طلب الجمع إنما يلزم على أحد تقادير [ثلاثة] (2) لا رابع لها:
الأول: أن يكون كلا الخطابين على وجه الإطلاق.
الثاني: أن خطاب المهم على تقدير اشتراطه بعصيان خطاب الأهم يكون ناظرا إلى حال عصيانه وضعا ورفعا.
الثالث: أن الخطاب بالمهم مشروط بإتيان الأهم بأن يكونا مطلوبين على نحو الاجتماع في آن واحد.
ومن المعلوم أن ما نحن فيه ليس من شئ منها.
أما أنه ليس من قبيل الأول فواضح، لفرض أن الأمر بالمهم مقيد بعصيان الأمر بالأهم، وعدم الإتيان بمتعلقه خارجا.
وأما أنه ليس من قبيل الثاني فلما عرفت غير مرة من أن الحكم يستحيل أن يقتضي وجود موضوعه في الخارج ويكون ناظرا إلى حاله وضعا أو رفعا.