أو فقل: إن تعلق الخطاب بإخراج الزكاة عن ذلك المال يخرجه عن كونه ملكا طلقا له بمشاركة الفقير إياه في عشر ذلك، وعليه فلا يكون عشره من فاضل مؤونته ليتعلق به الخمس. ولا يفرق في عدم تعلق الخمس به بين أن يخرجه ويعطي للفقير أم لا، فلا يمكن اجتماع هذين الخطابين في زمان واحد ليمكن تصحيح وجوب الخمس بالترتب. هذا بناء على وجهة نظر شيخنا الأستاذ (قدس سره).
وأما بناء على وجهة نظرنا فقد ظهر مما تقدم أن الرافع للموضوع في أمثال هذا المورد ليس الخطاب بصرف وجوده وتحققه، بل الرافع له هنا هو نفس تعلق الزكاة بعين هذا المال الموجب لخروجه عن كونه ملكا تاما له بمشاركة الفقير إياه في ذلك المال، فبذلك يخرج عشره عن فاضل المؤونة من جهة أنه صار ملكا لغيره. ومن الواضح جدا أنه لا دخل في ذلك لوجود الخطاب بإخراج الزكاة وعدم وجوده أصلا، وهذا بمكان من الوضوح.
4 - ما إذا كان المكلف مديونا بدين صرفه في مؤونة سنته فالخطاب بأدائه بصرف تحققه وفي نفسه يخرج ربح هذه السنة عن عنوان فاضل المؤونة إن كان دينه مستوعبا لتمام الربح، كما إذا كان مائة دينار وربحه أيضا كذلك، وإن لم يكن مستوعبا لتمامه كما إذا كان دينه خمسين دينارا وربحه في تلك السنة مائة دينار فيخرج عن الربح بمقدار الدين عن فاضل المؤونة فلا يتعلق به الخمس دون الزائد. وعلى هذا لو عصى الأمر بأداء الدين ولم يؤد دينه فلا يجب عليه إخراج الخمس عنه بمقدار دينه. هذا بناء على مسلك شيخنا الأستاذ (قدس سره).
والصحيح: أن الرافع لموضوع وجوب الخمس هنا إنما هو نفس وجوب الدين، إذ معه لا يتحقق له (في هذه السنة) ربح ليتعلق به الخمس، لا الخطاب بأدائه، فإنه لا دخل له في ذلك أصلا، ولذا لو فرض أنه لم يكن خطاب بأدائه لمانع من الموانع لم يتعلق به الخمس أيضا، لعدم الموضوع له وهو الفاضل عن مؤونة السنة.
هذا إذا كان دينه من جهة الصرف في المؤونة. وأما إذا كان دينه من غير تلك