بيع عذرة ما لا يؤكل لحمه من غير الانسان، وادعاء الاتفاق على خلافه كما اتفق لصاحب المسالك، محل اشكال. وبالجملة إن ثبت اجماع في تحريم بيع شئ من العذرات، فذلك، وإلا كان الجواز متجها فيما ينتفع به انتهى، أقول: لا يخفى أن ما ذكره الشيخ في كتابي الأخبار في مقام الجمع من الاحتمالات، لا يوجب أن يكون ذلك مذهبا له، لينافي دعوى الاجماع في المقام، ولو جعلت تلك الاحتمالات مذاهب له لم تنحصر مذاهبه في عد، ولم تنته إلى حد، فالتحقيق: أن المستند في تحريم بيع عذرة ما عدا الانسان من غير مأكول اللحم، إنما هو ما قدمناه من خبر تحف العقول صريحا، وخبر الفقه الرضوي ظاهرا، لعده في الأول ما كان من أفراد النجس في المحرمات، ودلالة الثاني عليه بقوله " وما أشبه ذلك " كما لا يخفى على المتأمل في سياق الخبر. وبذلك يظهر ما في قوله: وبالجملة إن ثبت اجماع..
الخ.
(الثالث): قد اختلف الأصحاب - رضوان الله عليهم - في أرواث وأبوال ما يؤكل لحمه، فذهب جماعة إلى جوازه مطلقا، نظرا إلى أنها عين طاهرة ينتفع بها، وهو المنقول عن المرتضى - رضي الله عنه - ومن تبعه. وادعى عليه الاجماع. وبه قال ابن إدريس والعلامة في المنتهى وغيره والظاهر أنه المشهور.
وآخرون إلى المنع من بيع العذرات والأبوال كلها، لاستخباثها إلا أبوال الإبل، للاستشفاء بها، للنص عليها (1).
ونقله في المختلف عن المفيد، حيث قال: قال المفيد: وبيع العذرة والأبوال كلها حرام، الأبوال الإبل خاصة، ثم قال: وكذا قال سلار.
وقال في المسالك - بعد نقل القولين المذكورين -: والأول أقوى، خصوصا في العذرات، للانتفاع بها في الزرع وغيره نفعا بينا مع طهارتها، وأما الأبوال فكذلك، إن فرض لها نفع مقصود، وإلا فلا. انتهى.