والكلام يقع فيها في مواضع.
(الأول): أنه لا يخفى أن ما ذكرناه من الأخبار، وإن كان إنما اشتمل على بعض جزئيات ما ذكرناه من الأمر الكلي، إلا أن الخبر الذي قدمناه في صدر المقدمة، قد دل على ذلك حسبما عنونا به الكلام في هذا المقام.
ونقل في المنتهى اجماع المسلمين كافة على تحريم بيع الميتة والخمر والخنزير. قال: قال الله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير " والمراد:
تحريم الأعيان ووجوه الاستمتاع.
وأنت خبير بأنه قد روى في التهذيب عن أبي القاسم الصيقل، وولده، قال:
كتبوا إلى الرجل عليه السلام: جعلنا الله تعالى فداك، إنا قوم نعمل السيوف، وليست لنا معيشة ولا تجارة غيرها، ونحن مضطرون إليها، وإنما علاجنا من جلود الميتة من البغال والحمير الأهلية، لا يجوز في أعمالنا غيرها، فيحل لنا عملها وشراؤها وبيعها ومسها بأيدينا وثيابنا، ونحن نصلي في ثيابنا، ونحن محتاجون إلى جوابك في المسألة يا سيدنا، لضرورتنا، فكتب عليه السلام: اجعلوا ثوبا للصلاة (1) ونحوه حديث آخر - أيضا - بهذا المعنى، قد تقدم في كتاب الطهارة (2).
والخبران المذكوران ظاهران في خلاف ما دلت عليه الأخبار المتقدمة، من عدم جواز بيع الميتة، وإن ثمنها من السحت، وأنه لا يجوز العمل بها.
ويؤيده هذين الخبرين - أيضا - ما ورود في حسنتي الحلبي أو صحيحته، من جواز بيع اللحم المختلط ذكيه بميته ممن يستحل الميتة (3). وسيأتي الكلام في ذلك انشاء الله تعالى، والمسألة محل الاشكال.
(الثاني): ظاهر الروايات المتقدمة في العذرة، الاختلاف في حكم بيعها،