تدعو الضرورة فيه إلى ذلك.
وأما تفسير الإجارات، فإجارة الانسان نفسه أو ما يملك أو يلي أمره، من قرابته أو دابته أو ثوبه لوجه الحلال من جهات الإجارات، أو يؤجر نفسه أو داره أو أرضه أو شيئا يملكه فيما ينتفع به، من وجوه المنافع، أو العمل بنفسه وولده ومملوكه أو أجيره، من غير أن يكون وكيلا للوالي أو واليا للوالي، فلا بأس أن يكون أجيرا يؤجر نفسه أو ولده أو قرابته أو ملكه أو وكيله في إجارته، لأنهم وكلاء الأجير من عنده، ليس هم بولاة الوالي، نظير الحمال يحمل شيئا بشئ معلوم، فيجعل ذلك الشئ الذي يجوز له حمله، بنفسه أو بملكه أو دابته، أو يؤجر نفسه في عمل يعمل ذلك العمل بنفسه، حلال لمن كان من الناس ملكا أو سوقة، كافرا أو مؤمنا، فحلال إجارته، وحلال كسبه، من هذه الوجوه.
فأما وجوه الحرام من وجوه الإجارة، نظير أن يؤجر نفسه في صنعة ذلك الشئ أو حفظه، أو لبسه، أو يواجر نفسه في هدم المساجد ضرارا، وقتل النفس بغير حل، أو عمل التصاوير، والأصنام، والمزامير، والبرابط، والخمر، والخنازير، والميتة، والدم، أو شئ من وجوه الفساد الذي كان محرما عليه، من غير جهة الإجارة فيه، وكل أمر نهي عنه من جهة من الجهات، فمحرم على الانسان إجارة نفسه فيه، أو له، أو شئ فيه، أو له، إلا لمنفعة من استأجره، كالذي يستأجر له الأجير يحمل له الميتة ينحيها عن أذاه أو أذى غيره، وما أشبه ذلك - إلى أن قال -: وكل من آجر نفسه أو آجر ما يملكه أو يلي أمره، من كافر أو مؤمن، ملك أو سوقة، على ما قررناه، مما تجوز الإجارة فيه، فحلال محلل فعله وكسبه.
وأما تفسير الصناعات، فكلما يتعلم العباد أو يعلمون غيرهم، من أصناف الصناعات، مثل الكتابة والحساب والنجارة والصياغة والسراجة والبناء والحياكة والقصارة والخياطة وصنعة صنوف التصاوير، مما لم يكن مثل الروحاني، وأنواع صنوف الآلات التي يحتاج إليها العباد، منها منافعهم، وبها قوامهم، وفيها بلغة جميع حوائجهم،