وظاهر شيخنا الشهيد في الكتاب المذكور: القول بها، فإنه بعد أن طعن فيها أولا قال في آخر البحث: والأجود العمل بما تضمنه الحديثان السابقان وأشار بهما إلى صحيحة علي بن مهزيار وإلى هذه الرواية وقد عرفت الجواب عن الصحيحة المذكورة. وأما هذه الرواية فهي غير ظاهرة في كون الوقف فيها مؤبدا، فحملها على غير المؤبد - كما هو ظاهرها - طريق الجمع بينها وبين ما ذكرنا من الأخبار الصحيحة الصريحة في تحريم بيع الوقف المؤبد.
وأكثر الأصحاب - ممن قال بالقول المشهور - ردوا هذه الرواية بضعف السند.
ثم إن جملة ممن صرح بجواز البيع - فيما دلت عليه صحيحة علي بن مهزيار - أوجب أن يشترى بالقيمة ما يكون عوضه وقفا.
قال في الروضة: وحيث يجوز بيعه يشترى بثمنه ما يكون وقفا على ذلك الوجه إن أمكن، مراعيا للأقرب إلى صفته فالأقرب، والمتولي لذلك الناظران كان وإلا الموقوف عليهم إذا انحصروا، وإلا الناظر العام. انتهى.
وأنت خبير بأنه مع قطع النظر عن الرواية التي استندوا إليها في المقام - لما عرفت من النقض والابرام والرجوع إلى أقوالهم المتقدمة وإن كانت مختلفة مضطربة - فإنه لا يطرد هذا الحكم كليا علي تقدير القول بالجواز، وإنما يتم على البعض، ولعله الأقل من تلك الأقوال، وذلك فإن من المجوزين من جعل السبب المجوز في جواز البيع هو شدة احتياج الموقوف عليهم لعدم وفاء الغلة بذلك، ومقتضى ذلك أنما هو أكل ثمنه والتصرف فيه بالملك لا بالشراء، وهو ظاهر. ومنهم من جعل السبب المجوز خوف خرابه أو خوف الخلف بين أربابه، وعلى هذا أيضا لا معنى للشراء بثمنه ما يجعل وقفا، لجريان العلتين المذكورتين فيه، لأنه كما يخاف على الأول من أحد الأمرين، كذلك يخاف على الثاني بعد البيع والشراء، إذ العلة واحدة.