السؤال أن الواقف يعلم أنه إذا دفعها إليهم يحصل منهم الاختلاف ويشتد، لحصول الاختلاف قبل الدفع بينهم في تلك الضيعة، أو في أمر آخر. أيدعها موقوفة ويدفعها إليهم أو يرجع عن الوقف، لعدم لزومه بعد، ويدفع إليهم ثمنها. أيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام: البيع أفضل لمكان الاختلاف المؤدي إلى تلف النفوس والأموال. فظهر أن هذا الخبر ليس بصريح في جواز بيع الوقف، كما فهمه القوم، واضطروا إلى العمل به مع مخالفته لأصولهم. والقرينة: إن أول الخبر محمول عليه كما عرفت، وإن لم ندع أظهرية هذا الاحتمال أو مساواته للآخر، فليس ببعيد، بحيث تأبى عنه الفطرة السليمة في مقام التأويل والله الهادي إلى سواء السبيل. انتهى كلامه، علت في الخلد أقدامه.
وما يشعر به آخر كلامه، إن كان على سبيل التنزل والمجاراة مع القوم فجيد، وإلا فإنه لا معنى للخبر غير ما ذكره، فإنه هو الذي ينطبق عليه سياقه. ويؤيده - زيادة على ما ذكره - أن البيع في الخبر إنما وقع من الواقف، وهو ظاهر في بقاء الوقف في يده، والمدعى في كلام الأصحاب: أن البيع من الموقوف عليهم، لحصول الاختلاف في الوقف، والخبر لا صراحة فيه على حصول الاختلاف في الوقف، ويعضده - أيضا - أن هؤلاء الموقوف عليهم من أهل هذه الطبقة لا اختصاص لهم بالوقف، بل نسبتهم إليه كنسبة سائر الطبقات المتأخرة، فهو من قبيل المال المشترك الذي لا يجوز لأحد الشركاء بيعه كلا، وإنما يبيع حصته المختصة به، والموقوف عليه هنا ليس له حصة في العين وإنما له الانتفاع بالنماء مدة حياته، ثم ينتقل إلى غيره، لأن الوقف - كما عرفوه - عبارة عن تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.
ويؤكده قوله عليه السلام في صحيحة الصفار الآتية انشاء الله تعالى " الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها " وكذا جملة من الأخبار الآتية في المقام انشاء الله تعالى. ويزيده تأكيدا - أيضا - الأدلة العامة من آية أو رواية، الدالة على المنع من التصرف فيما لا يملكه