والطعام بالمعروف، فليس للوالد أن يأخذ من ماله شيئا. وإن لم يكن الولد ينفق عليه وكان الوالد مستغنيا عن ماله، فلا يجوز له أيضا أن يأخذ من ماله شيئا على حال. فإن احتاج إلى ذلك أخذ من ماله قدر ما يحتاج إليه من غير إسراف. بل على طريق القصد. وإذا كان للولد مال ولم يكن لوالده، جاز له أن يأخذ منه ما يحج به حجة الاسلام، فأما حجة التطوع فلا يجوز له أن يأخذ نفقتها من ماله إلا بإذنه، وإذا كان للولد جارية ولم يكن وطأها ولا مسها بشهوة، جاز للوالد أن يأخذها و يطأها، بعد أن يقومها على نفسه بقيمة عادلة، ويضمن قيمتها في ذمته. ومن كان له ولد صغار فلا يجوز له أن يأخذ شيئا من أموالهم إلا قرضا على نفسه، والوالدة لا يجوز لها أن تأخذ من مال ولدها شيئا إلا على سبيل القرض على نفسها. انتهى.
وقال ابن إدريس في السرائر: لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده شيئا، قليلا كان أو كثيرا إلا بإذنه، لا مختارا ولا مضطرا. وإن اضطر ضرورة يخاف معها على تلف نفسه أخذ من ماله ما يمسك به رمقه، كما يتناول من الميتة والدم.
" هذا إذا كان الوالد ينفق عليه ويقوم بواجب حقه، لأن نفقة الولد عندنا تجب على الوالد إذا كان الولد معسرا، سواء كان بالغا أم غير بالغ، ويجبر الوالد على ذلك. فأما إذا كان الولد موسرا فلا تجب نفقته على والده، سواء كان صغيرا.
أو كبيرا، بلا خلاف بيننا.
" فإذا تقرر ذلك فإن أنفق عليه وإلا رفعه إلى الحاكم، وأجبره الحاكم على الانفاق. فإن لم يكن حاكم يجبره على ذلك، فللولد عند هذه الحال الأخذ من مال والده، مقدار ما ينفقه على الاقتصاد، ويحرم عليه ما زاد على ذلك.
" والوالد فما دام الولد ينفق عليه مقدار ما يقوم بأوده وسد خلته، من الكسوة والطعام بالمعروف، فليس لوالده أن يأخذ من ماله بعد ذلك شيئا، لا لقضاء ديونه، ولا ليتزوج به، ولا ليحج به، ولا لغير ذلك. فإن لم يكن الوالد معسرا وكان مستغنيا.