بالحج، وأخذه على سبيل القرض. ولهذا نازعه في جواز القرض للحج أيضا. وبهذا يظهر أنه لم يرجع عن أصل المسألة، كما هو ظاهر كلامه، وإنما رجع عن ذلك الاطلاق إلى هذا التقييد.
ثم إن ما ذكره في النهاية أيضا، بالنسبة إلى وطي الأب جارية ابنه، مطلق بالنسبة إلى الولد صغيرا كان أو كبيرا، وظاهر الإستبصار التخصيص بالصغير، قال ابن إدريس: وهذا هو الصحيح الذي عليه الاجماع، فأما إذا كان الولد كبيرا بالغا فلا يجوز للوالد وطي جاريته إلا بإذنه على كل حال.
ثم إنه في السرائر اعترض على الشيخ - رحمة الله عليه - أيضا في قوله في آخر كلامه بجواز أخذ الأم قرضا من مال ولدها مع الاستغناء، فقال بعد نقل كلام الشيخ رحمه الله المتقدم: وهذا غير واضح، لأنه لا دلالة على ذلك. وقوله عليه السلام: " لا يحل مال امرء إلا عن طيب نفس منه " (1) وأيضا التصرف في مال الغير بغير إذنه قبيح عقلا وسمعا، فمن جوزه فقد أثبت حكما يحتاج في اثباته إلى دليل شرعي. انتهى.
وما ذكره ابن إدريس هنا محل نظر، لما سيأتي انشاء الله تعالى عند نقل الأخبار، من جواز أخذها قرضا، مع تحقيق المسألة.
أقول: والواجب هنا أولا نقل الأخبار الواردة في المقام، ثم الكلام فيها بتوفيق الملك العلام، بما ينحل به عنها شبهة الابهام، وينجلي عنها غياهب الظلام.
(الأول): ما رواه في الكافي والفقيه، في الصحيح، عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل لابنه مال، فيحتاج الأب إليه، قال: يأكل منه. فأما الأم فلا تأكل منه إلا قرضا على نفسها (2).
(الثاني): ما رواه في الكافي عن علي بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: سألته