مستحلا لما في يده، لا يتورع عن أخذ ماله ربما نزلت في قريته وهو فيها، أو أدخل منزله وقد حضر طعامه فيدعوني إليه، فإن لم آكل من طعامه عاداني عليه، فهل يجوز لي أن آكل من طعامه، وأتصدق بصدقة، وكم مقدار الصدقة؟ وإن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر فيدعوني إلى أن أنال منها، وأنا أعلم أن الوكيل لا يتورع عن أخذ ما في يده فهل علي فيه شئ إذا أنا نلت منها؟ الجواب: إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده، فكل طعامه وأقبل بره، وإلا فلا (1) ورواه الشيخ - رحمه الله - في كتاب الغيبة أيضا.
وأنت خبير بأن ظاهر هذا الخبر: عدم جواز قبول جوائز الظالم إلا مع العلم بأن له معاشا أو مالا حلالا، وظواهر الأخبار المتقدمة أعم من ذلك، فالواجب تقييد تلك الأخبار به.
إلا أن ذلك خلاف ما عليه ظاهر اتفاق كلمة الأصحاب في هذا الباب، فإنهم يكتفون في الحكم بالحلية بمجرد مجهولية الحال وإن لم يعلم أن له مالا حلالا أو معاشا حلالا، وهو ظاهر الأخبار المتقدمة. وإنما يستثنون معلومية كونه حراما.
اللهم إلا أن يقال: إن ظاهر هذا الخبر يعطي: أن السائل عالم بأن هذا الوكيل ليس له مال إلا مال الوقف الذي في يده، وأنه يستحل أكله، وعلى هذا فيكون جميع ما يصرفه ويهديه إنما هو من هذا المال الذي في يده، فأجابه عليه السلام إن كان كذلك فلا يجوز الأكل من عنده، وإن كان له معاش أو مال غير ذلك، بحيث يحتمل كون ما يعطيه من ذلك المال الحلال جاز الأكل، وحينئذ فلا يدخل في هذا مجهول الحال الذي دل كلام الأصحاب وظواهر الأخبار المتقدمة على حل جوائزه.
السادسة: قد صرح الأصحاب، وعليه دلت الأخبار، بأنه لا بأس بمعاملة