اليقين هو الذي قال الله في حقه: * (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) * (1)، فإنه لا يحصل إلا بالمعاينة والمشاهدة من قريب بعين القلب، وحتى يسمع باذن الحقيقة صوت النزع، وهذا هو اليقين الذي إذا حصل في هذه النشأة يختل به النظام أحيانا، وقال الله تعالى في هذا اليقين: * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) * (2)، فهو قبل أن يموت قد عاين الحقيقة والآخرة وباطن الدنيا، وكان بذلك من الموقنين.
فيا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر، وحل بنا الظلم في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء، وقد بلغنا من هذه السفرة نصب شديد وتعب كثير، فأوف لنا الكيل وتصدق علينا، حتى نتمكن من أن نكون من الموقنين، وحتى نصل إلى فنائك وبابك، فارغين عن الظنون والأوهام، ومتحلين بحلية اليقين والإيمان، ولا نستدرج في الذين قال الله تعالى في حقهم: * (ما لهم به من علم إلا اتباع الظن) * (3)، بل ولا من الجبلة الذين قال في حقهم:
* (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) * (4) ولا من المنادين بقوله تعالى: * (ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون) * (5).
فيا سيدنا ويا مولانا إنا توجهنا بك أن يجعلنا من الذين أنعم عليهم