وجه الحقيقة، و * (كما آمن الناس) *، ولا تقولوا: آمنا بالله وباليوم الآخر ولم تكونوا مؤمنين، حسب ما مر في الآية السابقة الحاكية أن من الناس من يقول: آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم مؤمنين * (قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) * و [البسطاء]، الذين لا يحافظون على عواقب الأمور من أي فرقة كانوا، * (ألا إنهم هم السفهاء) * وغير العاقلين، ولكنهم * (لا يعلمون) * بذلك وقريب منه: * (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) * وليكونوا مخلصين ومؤمنين بالإيمان المتجرد عن الأباطيل والأهواء، * (قالوا أنؤمن) * أي قال بعضهم لبعض في السر: كلا لا نؤمن مثل هؤلاء السفهاء والذين هم آمنوا به (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى نكون مثلهم في السفه والجهالة، فقالوا ذلك وأجيبوا جهرا: * (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) * ذلك، لأنهم لا يلاحظون عواقب الأمور وخواتيم الأعمال والأفعال، وثمراتها في النشآت الآتية البرزخية وغيرها.
وقريب منه: * (وإذا قيل لهم) *، والقائل معلوم ومحذوف تفخيما لا تحقيرا: * (آمنوا) * بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد حذف لما هو معلوم، ويقتضي البلاغة هنا الإيجاز، لأن النظر إلى أصل الإيمان على نعت الحقيقة، من غير كون المؤمن به مورد النظر، بل النظر إلى حال نفاقهم، * (كما آمن الناس) * على نعت الحقيقة والواقعية، أي كما آمن جماعة من الناس في الحجاز وقراها ومدنها وصحاريها، * (قالوا أنؤمن كما آمن) * هؤلاء الأراذل و * (السفهاء) * والجهلة، فإنا كنا آمنا كما آمن الكمل والعظماء والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والخواص وقالوا بذلك جهرا، جوابا عما عرض عليهم، ولكن الله فضحهم جهارا وإعلانا بالنداء المؤكد بأنحاء التأكيدات: