الجواب أيضا يتوجه إليهم، ولا معنى لكونه مقالة وقعت بينهم أنفسهم، كما لا يخفى.
وربما قيل: إن المقاولة فرضية. وفيه: أن القول بالفرض قول نادر، واحتمال قوي، ولكن حل المعضلة لا يمكن بناؤه عليه إلا عند الضرورة.
وأما قول الشاعر:
كريم إذا أمدحه أمدحه والورى معي * وإذا ما لمته لمته وحدي فلا يشهد عليه لإمكان كونه من الادعاء والمجاز، كما لا يخفى.
ومن الممكن دعوى: أن ذلك كان بمحضر المؤمنين، ولكنه من المسارة، وقد أظهره عالم السر والنجوى، وغير ذلك مما يذكر أو يحتمل.
والذي هو الأقرب إلى الذهن ما خطر ببالي القاصر وإن استشهدته بعد ذلك في بعض المحكيات عن أهل الفضل وهو: أن في أمرهم بالإيمان كما آمن الناس، وفي ترغيبهم بالإسلام كما أسلم عموم الطائفة وعموم البشر كافة، نوع هتك بالنسبة إليهم، وأنهم لا يكونون من الناس وهم أضل من كل فرد من أفرادهم، وإذا هم أرادوا الجواب عن ذلك بعد ما لاحظوا تغطية أمرهم ونفاقهم، فقالوا - حينئذ -: أنؤمن نحن كما آمن السفهاء والعوام والأراذل والمبتدون، هيهات إنا لسنا مثلهم، فإنا مؤمنون كما آمن الأخصون والمختصون.
وفي اعتبار آخر ربما يظهر من السؤال والجواب: أن المؤمنين كانوا يريدون بذلك إفشاء سرهم وإعلان أنهم من المنافقين غير المؤمنين، ولأجل ذلك أمروهم بالإيمان بعد ما قالوا: إنا آمنا بالله وباليوم الآخر، ففي الأمر بعد