يمكن، من إفشاء أسرار المؤمنين إلى الكفار، وإغرائهم بالمؤمنين، وزجرهم وتنفيرهم عن اتباع الإسلام إلى غير ذلك من فنون الشر وصنوف الفتن، * (قالوا إنما نحن مصلحون) *، فلا شأن لنا إلا ذلك، فما نحن والفساد، فإنا برآء وبعيدون عنه، * (ألا إنهم هم المفسدون) * وهم وحدهم يفسدون، دون من أومؤووا إليهم، لأن لهم سلفا صالحا تركوا الاقتداء بهم، * (ولكن لا يشعرون) * بهذا الإفساد، أو بالعذاب الذي ينتظرهم، أو بمصالح أمورهم، أو * (لا يشعرون) *، ولا يكونون من ذوي الإحساس، فينخرطون في مسلك الحيوانات، أو هم أسوأ حالا منهم، فيلحقون بالمجانين.
وقريب منه: * (وإذا قيل لهم) * على حسب الفرض واقتضاء عادتهم وطبيعتهم: * (لا تفسدوا في الأرض) *، لما أنهم يفسدون فيها وبانون عليه، وإن لم يكونوا مشتغلين بالفساد حين النهي والنزول، فيجيبون حسب الديدن والاغتراس الذهني: * (إنما نحن) * من المصلحين الكبار في الأنفس والآفاق، زاعمين أن أحدا لا يدري بذلك، فيدعون ما لا أساس له ولا بنيان له، غافلين عن الوحي والتنزيل المنادي بأعلى صوته: * (ألا إنهم هم المفسدون) *.
وقريب منه: * (وإذا قيل لهم) * في الأرض لا تكونوا مفسدين، قالوا:
كذا وكذا.
وقريب منه: * (وإذا قيل لهم) * يحرم عليكم الإفساد في الأرض، وأنتم مكلفون بذلك، كسائر الناس، فلم ينكروا تكليفهم، ولكن أنكروا أن يكونوا مفسدين، فادعوا إصلاحهم، ففضحهم الله فضاحة اطلع عليها الصغير والكبير إلى يوم القيامة.