تعلق بترك شرب الخمر، فإذا كان المأمور لا ينزجر عن نهيه، فكيف يتمكن الناهي من إرادة النهي حقيقة، ويتمكن من التكليف مع جهل المكلف بالمكلف به. ولأجل ذلك ربما يستدل بها من لا يعتبر العلم بالتكليف في التكليف وصحته.
أقول: قد عرفت منا: أن من ينهاهم عن الإفساد هو من الطائفة المنافقين، وعندئذ يمكن أن يكون الناهي حين النهي جاهلا بما يعتقدون من إصلاحهم في الأرض، فلا منع من النهي الحقيقي حينئذ.
وربما يمكن الالتزام بذلك بالنسبة إلى بعض المؤمنين أيضا والرسول الأعظم، بناء على تجويز ذلك في حقه (صلى الله عليه وآله وسلم)، خلافا للتحقيق المقرر في محله. هذا أولا.
وثانيا: ربما كانت الطائفة الأولى الذين نهوا عن الإفساد في الأرض أكثر عددا من الذين قالوا: * (إنما نحن مصلحون) *، فإنهم شرذمة قليلون، وعندئذ يجوز الخطاب الكلي القانوني، ويتمكن المقنن من ترشيح الإرادة الجدية، لأن الجاهل المركب من بينهم قال كذا.
وثالثا: ليس النهي هنا إلا إرشادا إلى فساد ما كانوا يصنعون، ولا يكون من النهي التكليفي.
ورابعا: قد مضى احتمال كونهم كاذبين في دعواهم، ومدعين الصلاح على خلاف معتقدهم أيضا، فما كانوا جاهلين، بل كانوا هم المفسدين في قولهم وفعلهم، ولكن لا يشعرون بفضيحتهم على رؤوس الأشهاد وأعين الناس.
وخامسا: عند احتمال التفاتهم بعد ذلك إلى إفسادهم يجوز التكليف