جملة " في نفسك " بمعنى " عند "، لا كلمة " نفس "، كما لا يخفى، وفي كلمات اللغويين مواضع كثيرة من المناقشة.
والذي يظهر للمحقق المتضلع المراجع للمجامع والقرآن الكريم - مع كثرة استعمالها فيه البالغة إلى أكثر من ثلاثمائة مورد - هو أن النفس ليست الجهة الروحانية المجردة ولا البدن الخالي عنها، بل النفس هو الفرد المتمادي المقرون بالحياة الإنسانية، سواء كانت تلك الحياة مجردة روحانية أو غير مجردة، فإن الاعتقاد بالروح خلافي، دون الاعتقاد بالنفس. نعم ربما يطلق لبعض التوسعات في شخصية كل شئ وذاته، ومنه سبحانه تعالى، وربما يطلق على الروح والجهة العقلانية والرتبة الخاصة منها، وهذا أيضا بضرب من التوسع المحتاج إلى القرينة، والالتزام بالمعاني المتعددة غير ممنوع عقلا ولا عرفا.
وإن شئت قلت: النفس هي العين وعين الشئ، وبهذا المعنى تجمع على " الأنفس "، وبهذا المعنى كثير استعمالها في الكتاب العزيز، إلا أن كثرة استعمالها في الأفراد من الإنسان، بلغت إلى حد يحتاج سائر حصص المعنى الوحداني إلى القرينة. وأما إذا ورد قوله تعالى: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والاذن بالاذن) * (1)، فهي ظاهرة في حصة من المعنى الموضوع له.
وتوهم: أن القرينة ناهضة عليه، مدفوع: بأن من الممكن دعوى أن المراد من " النفس بالنفس " أن كل شئ مضمون بالمثل، وكان ذلك عاما،