ومن الممكن حل هذه المشكلة: من ناحية دعوى ظهور المشتق في الحال بما تبين في محله: من أنه تابع لحاظ زمان الإجراء، ولا يدل بالوضع على الاتصاف في الحال إلا عند الإطلاق (1)، وحيث إن صدر الآية يتكفل حال المنافقين في الزمان الماضي، فيكون قرينة على أن الجري كان بلحاظ ذلك الزمان.
وأما حل المشكلة من ناحية الباء فهو غير ممكن لدعواهم: أن الباء في خبر " ليس " يدل بالوضع على النفي في الحال (2).
أقول:
أولا: كون الباء للنفي في الحال غير مرضي، بل الباء: إما زائدة أو توكيد النفي، ويكون في الزمان تابعا لزمان المنفي، فيؤكد ذلك. مثلا: إذا قلنا: ليس زيد في الزمان الماضي بقائم، أو ما كان زيد بعادل، فهو يؤكد النفي من غير اقتضاء لمعنى آخر، وإلا يلزم كونه موضوعا بالوضع التركيبي، وهو غير موافق للتحقيق، لما تقرر: أن الجمل لا وضع على حدة لها، ويلزم أيضا كونها في خبر " ما " ذات وضع آخر، وهو واضح المنع.
وثانيا: قد عرفت (3) أن هذه الآية لا تختص بالمنافقين المخصوصين بالذكر في صدر الإسلام، بل الآية ترشد إلى تنبيه الرسول إلى إمكان وجود هؤلاء الناس في جماعتهم أو إلى وجودهم بنحو أعم من الزمان