زمن من الأزمان وفي وعاء من الأوعية، ولم يكن قانطا، وكان عنده الروح وارتياح النجاة، فليس فيه الشقاوة كلها، بخلاف ما إذا كان آيسا وقنطا.
وإذا وصل إلى هذه الآية وسمعها أو قرأها، فربما تكون الآية موجبة لاشتداد شقاوته وتأكد ضلالته.
أقول:
أولا: إذا كانت الآية مخصوصة بطائفة قليلة من الكفار السابقين - كما مر أنه هو مختار الأكثر - فلا منع من الالتزام بأنهم كانوا آيسين من ذلك قبل نزولها، فلا يتقوى انحرافهم بها.
وثانيا: بناء على عموم الآية وعدم إشعارها بجماعة خاصة، لا دلالة للآية على الأفراد الخاصة، حتى يعتقدوا بأنهم مندرجون تحتها، ولا يتمكنون من الخروج من الظلمات إلى النور، بل الآية تفيد أن جماعة من الكفار تكون حالهم هكذا، فكل من يصغي إليها يتمكن بعد استماعها أن يؤمن بالله العظيم، حتى ينجو من العذاب العظيم الموعود فيها.
وثالثا: ربما تكون هذه الآية وسابقتها في موقف ذم الكفار، وفي مقام تحريضهم على الإيمان، وترغيبهم في الإسلام، وتكون إنشائية، وعند ذلك يكون فيها التشويق الاجتماعي والتعزير والتوقير لمن لا تكون حاله مثل حالهم، فتصبح الآية بناء على هذا شاملة لأهم المسائل الاجتماعية، فإن التوبيخ - وفي بعض الأحيان - من الواجبات، لما فيه من الصرف عن الانحراف جدا.