في رواية مؤمن الطاق وما في معناها مما دل على أن الفريضة واحدة وزاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثانية لسنة الاسباغ فيغسل بمجموعهما العضو لأجل الاسباغ، والظاهر أن معنى قوله في رواية داود الرقي المنقولة عن الكشي: " وأضاف إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثانية لضعف الناس " أي ضعف عقولهم بسبب عدم مقاومة الوساوس الشيطانية بالشك في وصول الماء إلى جميع العضو عند الاكتفاء بغرفة، فسن (صلى الله عليه وآله) الثانية ليحصل الجزم والاطمئنان باستيعاب العضو بالغسل.
(لا يقال): إن زيادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغرفة الثانية لسنة الاسباغ ينافيه الحصر في المرة في قوله (عليه السلام) في موثقة عبد الكريم (3):
" ما كان وضوء علي (عليه السلام) إلا مرة مرة " والقسم في قوله (عليه السلام) في مرسلة الصدوق: " والله ما كان وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا مرة مرة ".
(لأنا نقول): قد عرفت أن الاسباغ يحصل بأحد فردين: إما بالغرفة المبالغ فيها كما عرفت من ذينك الحديثين المتقدمين (5) أو الثنتين الغير المبالغ فيهما، وهذان الخبران محمولان على الأول.
وبالجملة فإن بعض الأخبار تضمن أن الغرفة الثانية لسنة الاسباغ، وبعض الأخبار تضمن الغرفة المملؤة والمبالغ فيها، ومن الظاهر البين أن المبالغة فيها وملء الكف بها إنما هو لتحصيل سنة الاسباغ كما عرفت، وبعض الأخبار جمعهما معا، وبعض تضمن الغرفة أو المرة من غير ذكر المبالغة والملأ مع كونه مما يجب حمله على الوجه الأكمل، وبعضها تضمن الثنتين من غير ذكر الاسباغ، فالواجب حمل ما تضمن من الأخبار المرة أو الغرفة عاريا عن القيد على مقيدها ليكون واقعا على الوجه الأكمل، وما تضمن التثنية