يأتي بكمال النية ثم يبتدئ بالتكبير بلا فصل، وهذا تصح صلاته اجماعا) قال:
(ولو ابتدأ بالنية بالقلب حال ابتداء التكبير باللسان ثم فرغ منهما دفعة واحدة، فالوجه الصحة).
ونقل الشهيد (رحمه الله) عن بعض الأصحاب أنه أوجب ايقاع النية بأسرها بين الألف والراء، قال: (وهو - مع العسر - مقتض لحصول أول التكبير بلا نية) ونقل السيد السند في المدارك عن العلامة والشهيد أنهما أوجبا استحضار النية إلى انتهاء التكبير، لأن الدخول في الصلاة إنما يتحقق بتمام التكبير.
ورده بلزوم العسر، وأن الأصل براءة الذمة عن هذا التكليف، وأن الدخول في الصلاة يتحقق بالشروع في التكبير، لأنه جزء من الصلاة باجماعنا، فإذا قارنت النية أوله فقد قارنت أول الصلاة، لأن جزء الجزء جزء، ولا ينافي ذلك توقف التحريم على انتهائه. انتهى.
وفي البال أني وقفت منذ مدة على كلام للعلامة (رضي الله عنه) الظاهر أنه في أجوبة مسائل السيد مهنا بن سنان المدني في المقارنة، قال (رحمه الله) حكاية عن نفسه:
(أني أتصور الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ثم أقصد إليها، فأقارن بها النية) والكتاب لا يحضرني الآن لأحكي صورة عبارته ولكن في البال أن حاصله ذلك.
أقول: لا يخفى عليك - بعد تأمل معنى النية ومعرفة حقيقتها - أن جملة هذه الأقوال بعيدة عن جادة الاعتدال، فإنها مبنية على أن النية عبارة عن هذا الحديث النفسي والتصوير الفكري، وهو ما يترجمه قول المصلي - مثلا -: (أصلي فرض الظهر أداء لوجوبه قربة إلى الله) والمقارنة بها بأن يحضر المكلف عند إرادة الدخول في الصلاة ذلك بباله وينظر إليه بفكره وخياله، ثم يأتي - بعد الفراغ من تصويره بلا فصل - بالتكبير كما هو المجمع على صحته عندهم، أو يبسط ذلك على التلفظ بالتكبير ويمده بامتداده كما هو القول الآخر، أو يجعله بين الألف والراء كما هو القول الثالث. وكل