إلا بذلك، مثلا - الدخول تحت الماء من حيث هو صالح لأن يقصد به التبرد أو التسخن تارة، وإزالة الوسخ أخرى والغسل مثلا، واخراج شئ من الماء ونحو ذلك، فلا ينصرف إلى واحد من هذه الأشياء أو أزيد إلا بنيته وقصده. ومثل ذلك لطمة اليتيم تأديبا وظلما وهكذا جميع أفعال العقلاء من عبادات وغيرها لا يمكن تجردها وخلوها من النية والقصد بالكلية، وإلى ذلك يشير ما صرح به بعض فضلائنا واستحسنه آخرون، من أنه لو كلفنا الله العمل بلا نية لكان تكليفا بما لا يطلق - فالعبادة لا تكون عبادة يترتب عليها أثرها ويمتاز بعض أصنافها عن بعض إلا بالقصود والنيات ففي العبادة الواجبة تكون النية واجبة شرطا أو شرطا، لعدم تعينها - كما عرفت - وتشخصها إلا بها، وفي المندوبة تكون من شروط صحتها جزء كانت أو خارجة، كغيرها من الأفعال التي لا تصح إلا بها. وعدم الاتصاف بالوجوب فيها - ولا في غيرها مما هو واجب في الفريضة وشرط في صحتها - إنما هو من حيث إنه لا يعقل وجوب الشرط أو الجزء مع ندبية المشروط أو الكل، وربما عبروا عن مثل ذلك بالوجوب الشرطي.
ويدل على أصل ما قلناه ما رواه في التهذيب (1) مرسلا عنه (صلى الله عليه وآله) من قوله: (إنما الأعمال بالنيات) وقوله (صلى الله عليه وآله): (إنما لكل امرئ ما نوى) وقول علي بن الحسين (عليهما السلام) في حسنة الثمالي: (لا عمل إلا بنية) (2) فإن الظاهر أن المراد بالنية هنا المعنى اللغوي. لأصالة عدم النقل، بمعنى